الوثنيين، وخلاصة ذلك كله أن الحركة الشعرية هذه حركة هدامة تعادي التراث في صورة لغة ورباط قومي وتحاول تحطيم الشوامخ من شعراء العربية.

ولست أسمي هذه اتهامات، فإن جانبا منها لا يعتمد افتراء في الجملة، ولكنها من حيث صدورها عن حركة مناوئة إنما تستعمل منظورا مختلفا عن ذلك الذي يستعمله أصحاب الشعر الحديث، وكأن المسافة بين المنظورين هي مسافة الخلف بين لونين متباعدين بل متصارعين من الفكر والثقافة والمنحى. ولهذا فإذا كان الاتجاه الشعري الحديث ظاهرة حتمية، فإن الثورة عليه ظاهرة طبيعية كذلك.

ولقد مات كثير من أعداء الحركة الشعرية الجديدة مثل العقاد وعزيز أباظة وصالح جودت؟ تغمدهم الله برحمته، وأتيح لها من المؤيدين والأنصار أكثر مما كانت تتوقع، وقيض لها من سبيل الانتشار والذيوع ما لعلها لم تكن تنتظره، ولكن بقي لها أعداد كثيرون، بعضهم من داخلها، وبعضهم من خارجها، وهذا الفريق الثاني يصنف في ثلاثة أنواع:

الأول: الأغنية: فأنها أشد شيء محافظة في عالمنا العربي، ذلك أنها أن كانت شعبية، فأنها ما تزال تعتمد الجناس وغيره من المحسنات البديعية، وأن كانت غير شعبية فأنها ما تزال تتحدث عن العذول والرقيب والسهر والعذاب والدموع، وتبدو منقطعة الصلة بالتحول الذي طرأ على المجتمع في النظرة إلى العلاقات العاطفية، وكأنما هي تدور حول نفسها في استلهام مواقف رو منطقية كاذبة، حتى أن مد جسر بينها وبين القصيدة الحديثة ليبدو أمرا متعذرا، وبما أن الأغنية تجد قبولا لدى قطاع ضخم من الناس، فأنها ستظل تربي الذوق العام على غير ما يريده الشعر الحديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015