الضروري أن يحسن " القصيد " لأن القصيد له شروطه وظروفه وقواعده وأساليبه وبيئته. وها هنا طرفة تصلح للاعتبار، فقد استشارت هذه التهمة أحمد عبد المعطي حجازي حين أعترض الأستاذ عباس محمود العقاد على اشتراك بعض الشعراء المجددين في مهرجان الشعر بدمشق (1959) لأنهم لا يعرفون أصول الشعر العربي وهدد العقاد يومئذ بالانسحاب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب احتجاجا، فما كان من حجازي إلا أن نظم قصيدة ذات شطرين ليثبت للعقاد أنه لا يجهل أصول الشعر العربي، وكانت تلك الهفوة؟ فيما أعتقده - سقطة العارف، لأنها أثبتت حقا أن حجازي لو مضى يقول الشعر ذا الشطرين لما ثبت طويلا في حلبة الشعر (?) .

وخير ما يمكن أن يصور جانبا من طبيعة الحركة المناوئة للشعر الحديث مذكرة تقدمت بها لجنة الشعر المصرية إلى نائب رئيس الوزارة وزير الثقافة والإرشاد القومي سنة 1964 وقد عبرت تلك المذكرة عن أن حركة الشعر الجديد قد جعلت اللغة الفصحى موضوعا للمناقشة، ومكنت لفريق أن يدعو إلى تبني اللغة العامية لأنها هي لغة الشعب، والتهاون بأمر اللغة أنما هو تهاون بالقضية القومية العربية، مع أن الشعر كان دائما؟ من بين جميع الفنون وعند جميع الأمم - هو الفن الذي يحرص كل الحرص على صيانة اللغة. وأخطر ما في ذلك الشعر أنه يعكس روحا منافية لروح الثقافة الإسلامية العربية لأن بعض صور التعبير فيه مستمدة من ديانات أخرى غير العقيدة الإسلامية كفكرة الخطيئة والصلب والخلاص، كما أن فيه تهاونا كبيرا في استعمال لفظة " الإله " كأنها لا تزال تحمل دلالتها عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015