وهذا الاتحاد عند محمود درويش هو سر شعره، إلا أنه اتحاد من نوع آخر، أنه وحدة الشاعر والأم والحبيبة والأرض في نطاق واحد، دون انفصال. وإذا لم يغد هذا الاتحاد في شعر محمود مفهوما بحدوده المميزة، ظن القارئ أنه قائم على التلاعب بلفظة " الحبيبة " والألغاز بها للتمويه. وقد يذكر محمود أسماء واقعية لحبيبات، ولكن هذا يجب أل يصرفنا عن رؤية المعنى الكلي الذي يرمي إليه، سواء أكان تعبيره؟ حسب قوله -: باللغة الصافية أو اللغة الدامية أو اللغة النائمة أو اللغة الضائعة، فإن " المعبودة " واحدة لا تتغير، ابتداء من بطاقة التشريد حتى كل محاولة للعثور على الهوية، تلك الهوية التي لن تتحقق دون الوطن:
؟؟
لم أجد في الشجر
خضرتها
فتشت عنها السجون
فلم أجد إلا فتان القمر
فتشت جلدي، لم أجد نبضها
ولم أجدها في هدير السكون
ولم أجدها في لغات البشر
وهذه الأرض المعبودة ذات عينين ساحرتين، هما حينا هجرة، وحينا منفى، وحينا عودة، وحين يمثلان العودة، يتجلى المستقبل في أكمل بشاراته:
- من يرقص الليلة في المهرجان
- أطفالنا الآتون
- من يذكر النسيان
- أطفالنا الآتون
- من يضفر الأحزان، إكليل ورد في جبين الزمان
- أطفالنا الآتون