الذي يملك عليه رؤيته للأشياء ليس حزنا لحادثة أو فاجعة، فهو يزول بزوالها أو نسيانها، وإنما هو أيضا نابع من أعماق تلك الفلسفة، فهو حزن لا يعرف ولا تدرك أبعاده، حزن " لا تطفئه الخمر ولا المياه؟ ولا تطرده الصلاة " هو حزن إنساني لا فردي يتصل بتصور صلاح لوضع الإنسان في هذتا الكون، ومن التبسيط أن يقال أن هذا الإنسان لا يمثل أية قيمة، وأن ليس لوجوده معنى، " ما الإنسان؟ أن عاش وأن مات "، الإنسان مخلوق شريف مناضل جميل حين لا يفقد الألفة مع أخوته أو حين لا يموت في قلبه " الإنسان "، ولكنه في النهاية هو الفارس القديم (لأنه يعيش في غير عصر الفروسية) ، وهو في النهاية مهزوم، كما أنه هو الملاح الذي مات قبيل الموت " حين ودع الأحباب والأصحاب والزمان المكان "،

عادت إلى قمقمها حياته وانكمشت أعضاؤه رمال

ومد جسمه على خط الزوال،

وهو سندباد الذي سئم التطواف، والحديث عن المغامرات والأهوال. ليس هذا وحسب، بل أنه لا يمثل حقيقة واحدة تسمى الإنسان، وإنما هو في كل مرحلة غيره في المرحلة الأخرى، ولهذا تتكثر " الأنا " عند الفرد، ويغدو " الأنا " القديم مطاردا للأنا الجديد، وإذا مشى " الأنا " الجديد بثقة فيما صار إليه أصبحت " الذوات " القديمة قتلى يجرجرها معه أينما أتجه، وكلما حاول أن يقدم خطوة، بهظه الحمل، فأصبحت مواقفه النفسية وقوفا عند محاكمة تلك المراحل، فإذا كان شاعرا مثل صلاح أصبح جانب كبير من شعره، ترجمة ذاتية، واستعادة للماضي، فإذا جاء المساء قام بجولة في تاريخه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015