الحب بمعنى رؤية الجمال وضروب الصراع في الحياة والمشاعر هو الملاذ الأخير، لأنه وحده رابطة.
أما صلاح عبد الصبور فإنه حيت أصبح شاعرا كان قد فقد القدرة على استعادة " فرحة الطفل " بالإشياء، تلك الخاصية التي تميز شعر نزار قباني، وإذا كان يشترك مع نزار في الوقوف عند المظاهر الحسية من عالم المرأة، مقلدا نشيد الإنشاد: " وجه حبيبتي غيمة من نور/ شعر حبيبتي حقل حنطة/ خدا حبيبي فلقتا رمان؟ فما ذلك إلا لقاء عارض لا يلبث أن يضمحل ".
ذلك أن الطفل القروي الرقيق الحال، ظل حين وجد نفسه في المدينة خجولا يحس بشقة كبيرة تفصله عن المرأة:
وأنا لم أبرح القرية مذ كنت صبيا
ألقيت في رجلي الأصفاد مذ كنت صبيا
ومنذ طفولته كان يحلم بعسف القدر " وبالموت حين يدرك الحياة "، فلما شب طالعه الموت الواقعي بقفدان الأب، والأخ، ومصطفى ابن القرية، وقريبه محمد نبيل، وبشنق " زهران "،؟ الخ، فغشى الحزن وجه حياته، وألقى ظله على الوجود، وخاصة إذا جن الليل، وشعر بالوحدة، هنالك يكون الحزن ضريرا، طويلا كالطريق من الجحيم إلى الجحيم، ويصبح كلما مر الزمن ألوانا وأشكالا:
لقد بلوت الحزن حين يزحم الهواء كالدخان؟.
ثم بلوت الحزن حين يلتوي كأفعوان؟.
ثم بلوت الحزن حينما يفيض جدولا من اللهب
فإذا تحدث صلاح عن الحب، لم يكن حديثه عنه أغنية رقيقة شفافة، وإنما هو تأمل حاد، متصل بحقيقة نظرته الفلسفية الشاملة إلى الموت والحياة. وذلك الحزن