ويطيب لنزار أحيانا أن يقول للمرأة؟ في لحظة غضب - أنه خلقها، ولكن نزارا هنا إنما يردد معنى رومنطقيا مألوفا، ذلك لأنه لم يخلق امرأة أبدا، إذ أنه لا يستطيع ذلك إلا حين تكون المرأة (بكامل شخصيتها ومكوناتها الجمالية والثقافية) صورة قصيدة، وهي لم تكن كذلك، وإنما هي واحدة من كل متشابه وحسب، " كلنا في مجامر النار نسوة ". غير أن أبسط شيء لديها قد يكون صورة قصيدة، ينتقل على يدي الشاعر ليصبح قصيدة جميلة. ومن درس شعر نزار دراسة متدرجة، وجد أن استغرابه الشعري بدأ أولا بتناول أشياء المرأة، والألوان التي تربط بينها وبين الطبيعة (مع تركيز خاص على النهد منذ البداية واستمر ذلك في شعره حتى النهاية) ثم أخذ التنبه يحرك نظراته نحو حالات المرأة وحركاتها (وهي تمشط شعرها، وهي تمر في المقهى، وهي تنزل من السيارة، وهي مضطجعة، وهي ترقص؟) مع الإلحاح على مزيد من أشيائها (قلم الحمرة، المشط، الجورب، المانيكور، المايوه الأزرق، ثوب النوم الوردي، الصليب الذهبي، الكم، التنورة؟) مما يصح معه أن نقول أنه سكان " يبعثر " المرأة ولا يلمها في خلق سوي، كان يجزئ، ويركز نظره على المفردات، لأن كل عنصر مفرد منها، كان يحميه من المرأة مكتملة، إذ كان يجد فيه صورة قصيدة ثم يحوله؟ دون ريب - إلى قصيدة جميلة، كان يرى الجمال الطبيعي والمصنوع، ويفتنه، فيدخل في كونه (الفم، الشفة، الاسم، الغرفة، الظفر المصبوغ، كم الدانتيل) دخول الطفل الذي تفتنه الفراشة، ويعود جذلان لأنه استطاع أن يقبض " شعريا " على تلك الفراشة، وأقول " شعريا " لا لنفي المتعة الجسدية، بل لاؤكد جانب التعبير، والتصوير، فإن الدخول إلى هذه الجزئيات، لم يكن مما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015