مسيحية (المسيح. لعازر. يوحنا المعمدان) بل أنه ذهب إلى بعض الحكايات الجاهلية ورمزها الوثنية (زرقاء اليمامة.. اللات) وعامل القصص على المستوى نفسه مثل قصة الخضر وحديث الإسراء والمهدي المنظر (أو صاحب الزمان) ، واتخذ من كل ذلك رموزا في شعره، تقوى أو تضعف، بحسب الحال، وبحسب قدرته الشعرية، وحين اضطر إلى مزيد من التنويع ذهب إلى خلق الأقنعة والمرايا والاستعانة بالأدب الشعبي؟ كما بينت فيما تقدم.
ومن الأصناف أن أقول أن الشعراء يختلفون في مقدار شغفهم بالأسطورة فبعضهم يكثر منها مثل السياب، وبعضهم قليل الالتفات إليها مثل محمود درويش، وأن شعراء العراق ولبنان؟ على وجه العموم - لا يجدون غضاضة في تطلبها من أي مصدر، بينما شعراء مصر؟ مثلا - يتحفظون تجاه بعضها ويقبلون على بعضها الآخر، ومهما يكن من شيء فإن الشاعر المتميز، حين يشعر أنه في غير حاجة كبيرة إلى الأسطورة؟ يخلق أساطيره ورموزه الخاصة به. ومع أن هذا الاندفاع نحو الأسطورة المستعارة كان ذا نتائج إيجابية، فقد علقت به بعض النتائج السلبية: إذ أخذت الأساطير أحيانا وأقسرت على الدخول في بناء القصيدة، دون تمثل لها ولابعادها، فوضح أنها دخيلة قلقة في موضعها، أو أنها جاءت أحيانا لا تؤدي سوى وظيفة تفسيرية توضيحية، شأنها في ذلك شأن كثير من التشبيه في الشعر القديم، وأحيانا كان رص نماذج منها في نطاق واحد لا يقدم شيئا سوى الشهادة على الدرجة الثقافية للشاعر. ولذلك قلما ينبض الرمز بالحياة وتتشعب عروقا به، في شعر الشاعر، إذ ما يكاد الشاعر يستخدم رمزا في قصيدة ما، حتى يقفز آخر في قصيدة أخرى، دون أن يكون ذلك رغبة في تنويع الدلالات أو حرصا على