هذه الدورات على هذا النحو، وبهذا العدد؟ وهذا يعني دراسة كل قناع؟ على حدة - واستخراج الإجابة على مثل هذا السؤال، من كل قصيدة. ولو أننا اتخذنا أبا العلاء المعري نموذجا لهذه الأقنعة؟ وليس من الضروري أن يكون خير نموذج - لوجدنا أن القصيدة " محنة أبي العلاء " تصدر بهذه الحكمة لغاليليو " ولكن الأرض تدور "؟ وهي ترمز إلى أن الأرض في دورانها، تمر أحيانا بما مرت به من قبل، وأن المعري والبياتي يشهدان تجربة مماثلة، وهي حقيقة، ولكن الشاعر؟ في نهاية المطاف - مستعد أن يتخلى عنها، مؤقتا، ليعود ويقررها مرة أخرى، لأنه بتمسكه بها يعلن انتصاره النهائي. وتتألف القصيدة من عشر دورات: في الدورة الأولى كل شيء مغلق مطموس، يبيح للمرء الأعمى أن يتساءل " لمن تضيء هذه الكواكب؟ " إذ العمى ليس هو ذهاب البصر وحسب، بل هو الضرب في هذا التيه المسمى الكون، فهذا بلا أمس وذا بلا وجه وثالث بلا مدينة ورابع بلا قناع وخامس بلا شراع، وفارس النحاس في ساحة المدينة تضربه الرياح (وهو نحاس لأنه لا يحس أوجاع الآخرين) واليه يرمز الشاعر بلفظة الأب، لأنه " القدر "، والمعري، ناقم على هذا الفارس لأنه حرمه الضياء، ولكنه رغم نقمته سيطل عليه في غد مقبلا يديه، من خلال ثلاث كوى: " لزوم بيتي وعماي واشتعال الروح في الجسد "، ومن الواضح أن هذه الثورة مشوبة بالتردد بين النكران والولاء، ولكنها ليست موجهة إلى الأرض، إذ أن دور الأرض سيجيء في الدورات التالية.

وفي الدورة الثانية صراع بين الشاعر ورب من أرباب الأرض؟ هو الأمير - فالشاعر في البلاط متخم مصاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015