على التراث، لا يريد أن يقف عند حدود التطور الطبيعي للغة، بل يريد أن يطورها؟ عامدا - من خلال منظوره الخاص، رافضا كل قيمة تفرض عليه من الخارج، ومن ثم ارتبط الشعر بقانون التطور والتحول، حتى غدا الشاعر في مسابقة مع الزمن، ومسابقة مع شعره نفسه وأصبح التطور لا يعني انتقال سمات مذهب شعري؟ في حقبة ما - إلى سمات مذهب آخر - في حقبة أخرى، بل أصبح حركة متسارعة بعدد الأفراد الذين يقولون الشعر، وبذلك قضي على فكرة " الخلود " الكلاسيكية، وأصبح التميز؟ في الدائرة الشعرية - مرحليا. وصحب هذا كله إيمان بإن كل قيمة ثابتة - أيا كان منبتها ومهما تكن مدة ثباتها - فهي تشير إلى الركود أو التخلف والجمود، سواء أكانت تلك القيم تتصل بالدين أو بنمط حياة أو طريقة تفكير، وكان هذا الوجه من النظر يصيب أكثر ما يصيب مؤسسة قائمة على ثوابت ضرورية مثل الدين؟ وخاصة الدين الإسلامي في صورته السنية - من حيث أنه صورة كبيرة من صور التراث، والحق أن الإنسان الحديث حين يعتقد أنه يعيش في كون قد غابت عنه الألوهية، فانه لا بد أن يعيد النظرة في كثير من القيم التي كانت تتصل بالنواحي الغيبية، ولكن السلام ليس قاصرا على هذا الجنب، وإنما هو أيضا نظام حياة وأسلوب تنظيم، ربما أن التنظيم يعني ثبات قيم معينة، فأن الثورة على التراث كأنث تتناول هذا الجانب منه أيضا. وسن الواضح أن العالم الذي قد يتخلى عن الدين لا يطرح بدائل، وأن المفكر الذي يطرح بديلا لما يريد تقويضه نوعان: نوع ثائر من خلال هذا الدين، والبديل الفكري الذي يطرحه يفترض مستوى مواحد من الثقافة ليكون قابلا للفهم والاستيعاب، ونوع ثائر على هذا الدين من إطار دين أخر، وغايته مدخولة لان ثورته تبدو استمرارا للحركة التبشيرية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015