5 - الموقف من المدينة
سوف أناديك من المدائن المسبية - الممنوعة -
الفاقدة الذاكرة - المنسية - المقطوعة
الأثداء.
(البياتي: كتاب البحر: 139)
حين استنكر الفرد دي فيني " القطار "، لأنه رمز العجلة، والعجلة من الشيطان، كان في الواقع يعلن عن شيئين معا: عن تذمره من اختلال العلاقة بين الإنسان والزمن، إذ أن هذه السمة المميزة للإنسان، (كيف لو عرف الطائرات والمركبات الفضائية!!) وعن هذا التطور الحضاري السريع الذي ينقل المرء؟ دون أن يعي - إلى عالم جديد يحس فيه بالاغتراب، وفي كلتا الحالتين كان يعبر عن " صدمة حضارية " أحسها تجاه التطور الآلي الجديد.
ترى هل تمثل المدنية لدى الشاعر العربي الحديث مثل هذه " الصدمة الحضارية " التي أحسها دي فيني إزاء القطار؟! إن كثيرا من الباحثين يميلون إلى الاعتقاد بأن المدينة في العالم العربي ليست سوى " قرية " كبيرة، وأن الشاعر حين يحس بتضايقه من المدنية ويتحدث عن الغربة والقلق والضياع؟ مجرد محاكاة - شعراء الغرب حين والقلق والضياع إنما يحاكى؟ مجرد محاكاة - شعراء الغرب حين يضيقون ذرعا بتعقيدات الحضارة الحديثة، وبالمدينة الكبيرة ممثلة لها.