الشعور وعن قدرة الشعر على الإيحاء الذي يعز على الفهم أحيانا ظل المقياس الأول في النظرة إلى الشعر هو مدى قابليته للفهم وقبوله للتفسير.
ويزيد الاحتجاج الثاني على الأول أمرين آخرين، فهو يتطلب إلى جانب الفهم وحدة في القصيدة من نوع ما يسميها " التئام الأجزاء " ويضيف كلاما مبهما عن " غرابة المجازات والاستعارات "، وكلا الأمرين يرتدان إلى قضية الفهم أيضا، فأما التئام الأجزاء فأنه يعبر عن ضيق بما يمكن أن يسمى التفكك الظاهري ي قصيدة محمود حسن أسماعيل، وعن حيرة إزاء الوثبات التخيلية فيها، دون أن يعني الناقد نفسه بالبحث عن استمرارية السياق. ا، أن يفتش فيها عن روابط داخلية، أو لعلع بحث وفتش أدركه الإعياء والعجز. وأما غرابة المجازات والاستعارات فأنها هي التي ألقت القصيدة؟ في نظر ذلك القارئ - بين ضباب الغموض، ولعله تساءل: كيف تكون الأغاني مطولة الشدو بالجراح؟ وكيف يكون للرؤى خطى؟ وكيف يكون للخميل وجد، وإذا كان ذلك جائزا فكيف يعزف ذلك الوجد نارا؟ ونتذكر في هذا المقام تلك الأسطورة الجميلة التي تقول أن رجلا بعث إلى أبي تمام يسأله زجاجة مملوءة بماء الملام فأجابه الشاعر أنه لا يرى بأسا بذلك على شرط أن يبعث إليه ذلك الرجل بريشة من جناح الذل: قضية أخرى كبيرة واكبت الشعر العربي في جميع عصوره، ولعلها أن تكون أرسخ القواعد التي أسست عليها فكرة عمود الشعر، أعني: المقاربة في التشبيه ومناسبة المستعار منه للمستعار له، وكأني بالاحتجاجين يقولان: حذار! أن الشعر المعاصر يومئذ قد أخذ يخرج على عمود الشعر حين جنح إلى مبارحة دائرة الفهم فإن القصيدتين ممعنتان في المحافظة: إحداهما