البلاغي الذي تنفست فيه المعاني البيانية قبل أن ترسمها المصطلحات البلاغية المحدثة وفي ذلك ما يدفعنا إلى تلمس الأصول الأولى للتفسير البياني للقرآن الكريم لدى الأوائل من سامعيه1.

وإذا ما فعلنا ذلك فإنا سنجد في تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم جملة من ذلك نذكر لها مثالا: بيانه عليه الصلاة والسلام للخيط الأبيض والخيط الأسود في قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ، ببياض النهار وسواد الليل2 منتقلا بالمعنى من الحقيقة إلى المجاز.

وفي تفسير الصحابة رضوان الله عليهم نجد جذور وبذور التفسير البياني للقرآن الكريم وأشهر من عرف عنه هذا اللون من التفسير حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما. ولذا فقد جرى بعض المؤرخين للتفسير على اعتبار ابن عباس رضي الله عنهما صاحب الرأي الخاص بتفسير القرآن تفسيرًا لغويا يرجع فيه إلى شعر العرب لمعرفة ما قد يغمض من الألفاظ والتراكيب3.

وتاريخ التفسير يحدثنا مرارا عن لقاء نافع بن الأزرق بابن عباس -رضي الله عنهما- فيقول: "بينا عبد الله بن عباس جالس بفناء الكعبة قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن، فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر: قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به، فقاما إليه فقالا: إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا وتأتينا بمصادقة من كلام العرب فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فقال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما"4، فسأله نافع عن أكثر من مئة وثمانٍ وثمانين مسألة أوردها السيوطي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015