على قائليها ورواتها؛ حيث قال: "وقد نُقل عن الإمامية والصوفية أنه كان قبل آدم -المشهور عند أهل الكتاب وعندنا- آدمون كثيرون. قال في روح المعاني: ذكر صاحب جامع الأخبار من الإمامية في الفصل الخامس عشر خبرًا طويلًا نقل فيه: أن الله تعالى خلق قبل أبينا آدم ثلاثين آدم، بين كل آدم وآدم ألف سنة، وأن الدنيا بقيت خرابًا بعدهم خمسين ألف سنة، ثم عمرت خمسين ألف سنة، ثم خلق أبونا آدم عليه السلام، وروى ابن بابويه في كتاب التوحيد عن الصادق في حديث طويل أيضًا: أنه قال: لعلك ترى أن الله لم يخلق بشرًا غيركم؛ بل والله لقد خلق ألف ألف آدم، أنتم في آخر أولئك الآدميين"، ثم قال: "ثم نقل عن زين العرب القول بكفر مَن يقول بتعدد آدم، وهذا من جرأته وجرأة أمثاله الذين يتهجمون على تكفير المسلمين لِأَوْهَى الشبهات"1.
وأظهر السيد رشيد رضا الدافع له لسلوك هذا التفسير بقوله: "وليت شعري ماذا يقول الذين يذهبون إلى أن المسألة قطعية بنص القرآن فيمن يوقن بدلائل قامت عنده بأن البشر من عدة أصول؟ هل يقولون إن أراد أن يكون مسلمًا وتعذر عليه ترك يقينه في المسألة: إنه لا يصح إيمانه ولا يقبل إسلامه، وإن أيقن بأن القرآن كلام الله وأنه لا نص فيه يعارض يقينه"2.
ولهذا فسر الشيخ رشيد رضا المراد بالنفس بقوله: "هذا، وإن المتبادر من لفظ النفس بصرف النظر عن الروايات والتقاليد المسلمات أنها هي الماهية أو الحقيقة التي كان بها الإنسان هو هذا الكائن الممتاز على غيره من الكائنات؛ أي: خلقكم من جنس واحد وحقيقة واحدة، ولا فرق في هذا بين أن تكون هذه الحقيقة بُدئت بآدم -كما دل عليه أهل الكتاب وجمهور المسلمين- أو بدئت بغيره وانقرضوا -كما قاله بعض الشيعة والصوفية- أو بدئت بعدة أصول انبث منها عدة أصناف -كما عليه بعض الباحثين- ولا بين أن تكون هذه الأصول أو الأصل مما ارتقى عن بعض الحيوانات، أو خلق مستقلًّا على ما عليه الخلاف بين الناس في