تهذيب التهذيب وغيره والظاهر "!! " أن هذا الحديث مما حَدَّث به بعد اختلاطه"1.
وهكذا ترى السيد محمد رشيد رضا يرد الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبارات: "يحتمل أنه سمعه من كعب الأحبار"، و"فيخشى أن يكون قد روى بعضها عن كعب الأحبار"، و"الظاهر أن هذا الحديث مما حدث به بعد اختلاطه"، ولا أدري متى كانت هذه الأوهام سبيلًا لرد الحديث، وإذًا لو فعلنا لذهبت البقية الباقية.
أما ثالث أساليب رفضهم للتفسير بالماثور فهو وإن لم يكن رفضًا مباشرًا إلا أنه إغفال له يجعله في درجة المرفوع، فهذا الشيخ أحمد مصطفى المراغي مثلًا يفسر المغضوب عليهم والضالين في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} 2 بقوله: "والمغضوب عليهم هم الذين بلغهم الدين الحق الذي شرعه الله لعباده؛ فرفضوه ونبذوه وراءهم ظهريًا، وانصرفوا عن النظر في الأدلة؛ تقليدًا لما ورثوه عن الآباء والأجداد ... والضالون هم الذين لم يعرفوا الحق، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح، وهؤلاء هم الذين لم تبلغهم رسالة أو بلغتهم على وجه لم يستبن لهم فيه الحق"3.
يقول هذا مع أن تفسير المغضوب عليهم والضالين باليهود والنصارى هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وجميع الصحابة والتابعين وأتباعهم، حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في ذلك اختلافًا بين المفسرين4.
ومن هذا الأسلوب أيضًا ما قاله الشيخ عبد القادر المغربي في تفسير {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} 5:" أي: أعطيناك يا محمد الخير الكثير ... إلخ"6. وقد تقدم بيان ما ورد في الكوثر من الحديث الصحيح.