خامسًا: اختلاف الأسلوب بين العصرين؛ ذلكم أن المؤلِّفين في القديم يكتبون بأسلوب علمي مركز، تحتاج بعض العبارات فيه إلى شرح وبيان، خلاف الأسلوب الحديث الذي يكتب به المتأخرون؛ حيث يُوفِّي العبارة حقها؛ بل قد يزيد التوضيح إلى درجة الإطناب.

سادسًا: اعتنى بعض المؤلفين في العصر الحديث بالرد على ما يُثار حول بعض القضايا الفقهية من شبهات؛ كحد قطع يد السارق، ورجم الزاني، وتحريم الربا، وتعدد الزوجات، ونحو ذلك، ولم يكن هذا موجودًا بهذا الاهتمام عند الأولين.

وبعد:

فإن هذه المزاينا وإن كان ظاهرها أنها لصالح المؤلفين في العصر الحديث؛ فإنها لا تعني أن مؤلفاتهم هي الأفضل؛ بل الأفضل لو كتب أحد المعاصرين تفسيرًا شاملًا لآيات الأحكام -كفعل السابقين- غير ملتزم بمنهج دراسي، وبأسلوب حديث، ويعتني فيه بالرد الواضح على ما يُثار من شبهات، أقول: لو وُجد هذا لكان عندي هو الأفضل، أما والأمر على غير ذلك فلكل من هؤلاء وأولئك فضل لا يُنكر.

وإذا ما أردنا أن ندرس تفسير آيات الأحكام في العصر الحديث بشيء من التفصيل؛ فإني أؤثر تقسيمها تقسيمًا عقائديًّا؛ ذلكم أن أتباع المذاهب الأربعة في الفقه كلهم ينص على أنه لا يتعصب لمذهب بعينه من المذاهب الأربعة، فآراؤهم في مجملها لا تخرج عن هذه المذاهب، ورابطتها مذهب أهل السنة.

أما الفقه الجعفري؛ فهو وإن كان مذهبًا غير معترَف به عند العلماء المعتبرين، إلا أنا رأينا عدم إغفاله ونحن نكتب عن تفسير آيات الأحكام؛ لتناول مفسري الشيعة لها، وتأويلهم لها حسب مذهبهم الشيعي، وكذا الإباضية تناول بعض مفسريهم آيات الأحكام بما يخالف المذهب الصحيح، فرغبت الإشارة إليه؛ وعلى هذا فسيكون تناولي للفقه على هذا الترتيب.

أولًا: فقه أهل السُّنة والجماعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015