«إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا، وفرَّق جماعتنا، وشتَّتَ أمرنا، وإنما قوله كالسحر يفرِّقُ بن الرجل وأبيه ... » أرادوا بهذا أنْ يصُدُّوهُ عن الإسلام، واقتنع الطفيل بقولهم ونوى ألاَّ يسمع رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى لا يؤخذ بسحره كما ادَّعُوا ...
وذهب الطفيل إلى الكعبة، وإذا برسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصلِّي، فسمع كلامه فأعجب به، وأبَى الله إلاَّ أنْ يفتح قلبه للإيمان، وذهب مع الرسول الكريم إلى داره فعرض عليه الإسلام، وتلا عليه القرآن، فشعر بحلاوة الإيمان، و طلب من الرسول أنْ يدعو له، وأن يجعل الله له عوناً في حمل الإسلام إلى قومه ودعوتهم إليه، فقال - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً» فوقع له نور بين عينيه، فقال: يا رسول الله .. أخشى أنْ يقول قومي هي مثلة، فرجع النور إلى طرف سوطه، فكان يضيء في الليل، ولهذا لُقِّب بذي النور (?).
وعاد الطفيل إلى قومه فدعا أبويه إلى الإسلام، فأسلم أبوه، ولم تسلم أمه، ودعا قومه فأجابه أبو هريرة وحده، وأبطأ عليه قومه، فعاد إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأخبره بإبطاء قومه، وقال له: ادع عليهم. فقال - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً» وفي رواية: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَائْتِ بِهَا»، وقال له: «اخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وارْفِقْ بِهِمْ»، فخرج إلى قومه فلم يزل بأرض دوس يدعوها حتى هاجر رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمن أسلم من قومه، ورسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخيبر، حتى نزل المدينة بسبعين أو ثمانين بيتاً من دوس، ثم لحقوا رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخيبر، فأسهم لهم مع المسلمين، وقال الطفيل: «قلنا يا رسول الله .. اجعلنا ميمنتك، واجعل