وقد كان يرعى غنم أهله وهو صغير، ويداعب هِرَّتَهُ في النهار، فإذا جَنَّ الليلُ وضعها في شجرة، حتى إذا كان النهار أخذها ولعب بها، وفي " صحيح البخاري " أنَّ النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: «يَا أَبَا هِرٍّ» كما ثبت أنه قال له: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ». وكان يقول: «لاَ تُكَنُّونِي أَبَا هُرَيْرَةَ، فَإِنَّ النَبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَنَّانِي أَبَا هِرٍّ. وَالذَكَرُ خَيْرٌ مِنَ الأُنْثَى».
...
كان أبو هريرة رجلاً آدم بعيد ما بين المنكبين، ذا ضفيرتين، أفرق الثنيتين، يخضب شيبه بالحُمرة، وكان أبيض ليناً لحيته حمراء، ورآه خباب بن عروة وعليه عمامة سوداء.
...
لا نعرف شيئاً كثيراً عن أبي هريرة قبل إسلامه، إلاَّ ما كان يرويه عن نفسه، فقد ولد في اليمن، ونشأ فيها، يرعى غنم أهله، ويخدمهم، كما نشأ أترابه، نشأة القبيلة والبادية، تلك النشأة العربية الخالصة.
وقد توفي والده وهو صغير، فنشأ يتيماً، وقاسى شظف العيش، حتى مَنَّ الله عليه بالإسلام فكان له فيه الخير كله. وأخبار أبي هريرة في تلك الفترة قليلة، لا نفيد من تتبعها شيئاً بقدر ما نفيد من معرفة أخباره في الإسلام.
...
كان الطُفيل بن عمرو الدوسي رجلاً شريفاً مليئاً كثير الضيافة، وكانت قريش تعرف منزلته في قومه، وما أنْ عرفت قدومه إلى مكة بعد نبوؤة محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى انطلق إليه رجال منها يقولون له: