وأعني بالسُنَّة ما أراده المُحَدِّثُونَ، وهي ما يرادف الحديث عند جمهورهم وإن كان بعضهم يفرِّقُ بين السُنَّة والحديث، فيرى الحديث ما ينقل عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والسُنَّة ما كان عليه العمل المأثور في الصدر الأول.
والحديث القُدْسي هو كل حديث يضيف فيه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قولاً إلى الله - عز وجل -، كحديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - أنه قال: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا ... » (?). وحديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - قال: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» (?).
والأحاديث القدسية أكثر من مائة حديث، وقد جمعها بعضهم في جزء كبير (?). ونسبة الحديث إلى القدس (وهو الطهارة والتنزيه)، وإلى الإله أو الرب، لأنه صادر عن الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -، المتكلم به أولاً،