فكان لا بُدَّ له من دراسة أبي هريرة، تلك الدراسة التي كشفت عن وجه الحق - كما يَدَّعِي - إلاَّ أنها دراسة كشفت عن نوايا خبيئة في نفوس أعداء السُنَّة وخصوم الصحابة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ -، دراسة بَيَّنَتْ حقدهم على الصحابة، وعلى أبي هريرة بوجه خاص، ومن يَطَّلِعْ على كتابه هذا، لا يشك في أنه حلقة من سلسلة الأبحاث التي يقوم بها المستشرقون المُتَطَرِّفُونَ، وأتباعهم من المسلمين المُغْرضِينَ، وليس إلاَّ خدمة لأعداء الإسلام، ووسيلة لتصديع جمع المسلمين في وقت كادت كلمتهم أنْ تتَّفق، وأوشكت وحدتهم أنْ تَتِمَّ.

ويرى المؤلِّفُ أنه حَلَّلَ نفسيَّةَ أبي هريرة تحليلاً علميًّا حتى فهم «كُنهَهُ وحقيقته من جميع نواحيه) لندركه بحواسنا كلها.

كما يرى أنه أمعن النظر في حديثه كَمًّا وكَيْفًا فيقول: «فلم يسعنا - شهد الله - إلاَّ الإنكار عليه في كل منهما».

ويكثر الطعن في أبي هريرة وحفظه وكثرة حديثه ويعيب عليه أُمِيَّتَهُ، ثم يقول: «ونحن حين نُحَكِّمُ الذوق الفني والمقياس العلميَّ نجدهما لا يُقِرَّانِ كثيراً مِمَّا رواه هذا المفرط في إكثاره وعجائبه ... ص: ب».

وتابع المُؤلِّفُ الحَطَّ من قدر أبي هريرة وأقل ما يقال في الصفحة (ج): «فالسُنَّة أرفع من أنْ تحتضن أعشاباً شائكة، وَخَزَ بها أبو هريرة ضمائر الأذواق الفنية، وأدمى بها تفكير المقاييس العلميَّة، قبل أنْ يُشَوِّهَ بها السُنَّة المُنَزَّهَةَ، ويسيء إلى النبي وأُمَّتِهِ».

أجل لقد وخز أبو هريرة بقول الحق ضمائر من يريدون الباطل، وروى عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما لا يتَّفق مع أهل الأهواء وعقائدهم، فناصبوه لذلك العداء.

والمؤلِّف ينادي بالذوق الفني، والتفكير العلمي، فأيَّ ذوقٍ علميٍّ يريد وأيَّ تفكير يقصد؟ بعد أنْ أجمعت الأُمَّةُ من لَدُنْ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى يومنا هذا، على دِثَّةِ الذوق الفني عند المُحَدِّثِينَ في علمهم ومنهجهم، حتى أصبح تَثَبُّتَهُمْ في العلم مضرب الأمثال، لم يتركوا كبيرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015