الفصل الثالث: شواهده
تقدم أنّ أبا تراب التقى جماعةً من الأعراب من رواة اللّغة والشّعر من الّذين اسْتُقْدِمُوا إلى نيسابورَ في خراسان مطلع القرن الثّالث إبّان ظهور الطّاهريّين، وأنّه لازمهم زمناً طويلاً، وسمع منهم فوائد جمّة أودعها كتابه "الاعتقاب"
ويبدو أنّ ذلك انعكس على شواهده؛ فطغى استشهاده بالشّعر على غيره من الشّواهد كالقرآن، والحديث النّبويّ، فلا نكاد نجد له من شواهد القرآن إلا الشّاهد أو الشّاهدين؛ في كلّ النّصوص الّتي جمعت 1.
وليس الحديث بأوفر من ذلك فهو نادر -أيضاً- في نصوص كتاب "الاعتقاب" الّتي جمعتها، وقد وجدته يستشهد به على اعتقاب بعض الحروف في ثلاثة مواضع فحسب، أحدها أنّه روى عن رسول الله - صلّى الله عليّه وسلّم - أنّه قال لعمّار: "ويحك يا ابن سُميّة بؤساً لك، تقتلك الفئة الباغية" 2
والثّاني روايته لحديث النّبي -صلّى الله عليّه وسلّم - وهو قوله لعائشة -رضي الله عنها - ليلة تبعته وقد خرج من حجرتها، فنظر إلى سوادها فلحقها، وهي في جوف حجرتها فوجد لها نفساً عالياً، فقال: ويسها، ماذا لقيت اللّيلة 3؟