دون البدء فيه حوائل؛ منها ما وجدته في ترجمة أبي تراب من اضطراب في اسمه وغموض في حياته العلميّة؛ فأرجأت الشروع في الكتابة إلى حين التّمكّن من جلاء ذلك الغموض، فبقيت فكرة البحث كامنة في نفسي، تبرز كلّما قرأت كتاباً في التّراجم أو التّاريخ أو التّراث اللّغويّ القديم، حتّى تمكّنت بحول الله وقوته في هذا العام 1421هـ من كشف ذلك الغموض، وتصحيح الاضطراب، وجمع مادة الاعتقاب من مظانها الأصلية كـ "التهذيب" للأزهريّ وباقي معاجم اللّغة كـ "الصحاح" للجوهريّ، و "التكملة" و "العباب" للصّغاني "اللّسان" لابن منظور، فبلغت النّصوص الّتي جمعتها خمسة وسبعين وثلثمائة نصّ لغويّ من نصوص كتاب الاعتقاب، بعد أن قرأت التّهذيب مرّتين، وهي – في الحقِّ – أضعاف ما كنت أطمح إليه، وأكثر النصوص هي من الاعتقاب بمعناه الاصطلاحي؛ أي: الإبدال، وبعضها ليس من الإبدال، ولكنها من كتاب الاعتقاب لأبي تراب، فليس بالإمكان حذفها أو تجاهلها، ولا يضير ذلك أبا تراب، ولا يعيب كتابه، فهو كغيره من علمائنا القدامى ـ رضي الله عنهم ـ الذين يحرصون على الأشباه والنظائر، وقد يخلطون شيئاً بشيء؛ لغزارة حفظهم، ونزوعهم إلى الاستفاضة في جمع المادة، واتساعهم في مفهوم التأليف، فإن لم يكن ذلك من الإبدال فهو من اللغات، والحَدُّ بين الإبدال واللغات دقيق، وبعضهم يتسع في هذا الأمر فيجعل كل كلمتين متفقتين في الحروف إلا حرفاً واحداً ـ من الإبدال، مثل نَبَأَ ونَتَأَ، ولابِثٍ ولابَنٍ وثاقِبٍ وناقَبٍ.1
وقد جعلت البحث في قسمين رئيسين: