الطيب أنت إذا أصابك طيبه ... والماء أنت إذا اغتسلت الغاسل
وتقدير الكلام: الطيب أنت طيبه إذا أصابك، والماء أنت غاسله إذا اغتسلت به، وإنما ألم فيه بقول القائل (من الخفيف):
وتزيدين طيب طيباً ... إن تمسيه، أين مثلك أينا؟!
وقال من قصيدة كهذه التي تقدمت (من البسيط):
قد علم البين منا البين أجفانا ... تدمي، وألف في ذا القلب أحزانا
أملت ساعة ساروا كشف معصمها ... ليلبث الحي دون السير حيرانا
بالوخدات وحاديها وبي قمر ... يظل من وخدها في الخدر حشيانا
وحشيان - بالحاء المهملة - من الغريب الوحشي، الذي لا يأنس به السمع ولا يقبله القلب. يقال: حشي الرجل حشيا، إذا أخذه البهر يقول: إذا وخدت الإبل تحت هذا القمر أخذه لترفه. ومن المؤدبين من يروي خشيانا بالخاء معجمة من الخشية ثم قال، وأحسن ولطف وظرف:
قد كنت أشفق من دمعي على بصري ... فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
ثم أراد أن يزيد على الشعراء في وصف المطايا، فأتى - كما قال الصاحب - بأخزى الخزايا، فقال:
لو استطعت ركبت الناس كلهم ... إلى سعيد بن عبد الله بعرانا
قال الصاحب: ومن الناس أمه، فهل ينشط لركوبها؟ والممدوح لعل له عصبة لا يريد أن يركبوا إليه. فهل في الأرض أفحش من هذا السخف وأوضع من هذا التبسط؟ ثم أراد أن يستدرك هذه الطامة بقوله:
فالعيس أعقل من قوم رأيتهم ... عما يراه من الإحسان عميانا