وأخرج ابن أبي شيبة من طريق قتادة (أن عليا أتي بناس من الزط يعبدون وثنا فأحرقهم) وحكم ابن حجر على هذا الحديث بالانقطاع ثم قال: فإن ثبت حمل على قصة أخرى فقد أخرج ابن أبي شيبة أيضا من طريق أيوب بن النعمان أنه قال: "شهدت عليا في الرحبة فجاءه رجل فقال: "إن هنا أهل بيت لهم وثن في دار يعبدونه" فقام يمشي إلى الدار فأخرجوا بمثال رجل قال فألهب عليهم الدار"1.

وروى الكشي في كتابه معرفة أخبار الرجال بعد ترجمة عبد الله بن سبأ تحت عنوان (في سبعين رجلا من الزط الذين ادعوا الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام) ، بسنده إلى أبي جعفر أنه قال: "إن عليا عليه السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة أتاه سبعون رجلا من الزط فسلموا عليه وكلموه بلسانهم فرد عليهم بلسانهم، وقال لهم: "إني لست كما قلتم أنا عبد الله مخلوق"، قال: فأبوا عليه وقالوا له: "أنت أنت هو"، فقال لهم: "لئن لم ترجعوا عما قلتم في وتتوبوا إلى الله تعالى لأقتلنكم"، قال: فأبوا أن يرجعوا أو يتوبوا، فأمر أن يحفر لهم آبار فحفرت ثم خرق بعضها إلى بعض ثم قذفهم فيها ثم طم رؤوسها ثم ألهب النار في بئر منها ليس فيها أحد فدخل الدخان عليهم فماتوا2.

ومن المناسب ما دمنا نتكلم عن تحريق علي بن أبي طالب لأصحاب ابن سبأ والزنادقة أن نذكر حادثة أخرى ذكرها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، يقول ابن أبي الحديد: "وروى أبو العباس أحمد بن عبيد بن عمار الثقفي عن محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي المعروف بنوين، وروى أيضا عن علي بن محمد النوفلي عن مشيخته (أن عليا عليه السلام مر بقوم وهم يأكلون في شهر رمضان نهارا فقال: "أسفر أم مرضى"، قالوا: "لا ولا واحدة منها"، قال: "فمن أهل الكتاب أنتم فتعصمكم الذمة والجزية"، قالوا: "لا"، قال: فما بال الأكل في نهار رمضان، فقاموا إليه فقالوا: "أنت أنت" يومئون إلى ربوبيته، فنزل عليه السلام عن فرسه فألصق خده بالأرض، وقال: "ويلكم إنما أنا عبد من عبيد الله فاتقوا الله وارجعوا إلى الإسلام" فأبوا فدعاهم مرارا فأقاموا على كفرهم، فنهض إليهم وقال: "شدوهم وثاقا وعلي بالفعلة والنار والحطب" ثم أمر بحفر بئرين فحفرتا فجعل إحداهما سربا والأخرى مكشوفة وألقى الحطب في المكشوفة وفتح بينهما فتحا وألقى النار في الحطب فدخن عليهم وجعل يهتف بهم ويناشدهم ليرجعوا إلى الإسلام، فأبوا، فأمر بالحطب والنار فألقي عليهم فأحرقوا فقال الشاعر:

لترم بي المنية حيث شاءت ... إذا لم ترمني في الحفرتين

إذا ما حشنا حطبا بنار ... ... فذاك الموت نقدا غير دين

فلم يبرح عليه السلام حتى صاروا حمما3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015