وروى أيضا الكشي بسنده عن محمد بن خالد الطيالسي عن ابن أبي نجران عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله (ع) : "إنا أهل بيت صديقون لا نخلوا من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بذكبه علينا عند الناس، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق الناس لهجة وأصدق البرية كلها، وكان مسيلمة يكذب عليه وكان أمير المؤمنين أصدق من برأ الله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفتري على الله الكذب عبد الله بن سبأ لعنه الله"1.
هذه روايات الكشي عن أئمة أهل البيت، ومن المعلوم أن كتاب الكشي المسمى بـ (معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين) عمد إليه إمام الشيعة الثقة الثبت عدهم (الطوسي) الذي يلقبونه بشيخ الطائفة المتوفى سنة 460هـ عمد إلى كتاب الكشي فهذبه وجرده من الزيادات والأغلاط وسماه بـ (اختيار الرجال) وأملاه على تلاميذه في المشهد الغروي، وكان بدء إملائه يوم الثلاثاء 26 صفر سنة 456هـ، نص على ذلك السيد رضي الدين علي بن طاووس في (فرج المهموم) نقلا عن نسخة بخط الشيخ الطوسي المصرح فيها بأنها اختصار رجال كتاب الرجال لأبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي واختياره، فالموجود في هذه الأزمنة من المخطوط منه والمطبوع سنة 1317هـ في بمبئ بل وفي زمان العلامة الحلي إنما هو اختيار الشيخ الطوسي لا رجال الكشي الأصل فإنه لم يوجد له أي أثر حتى اليوم2.
وبهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي ومن طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين عندهم في هذا اليهودي (ابن سبأ) ولا يجوز ولا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول، وكذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم.
هذا ما تيسر لنا في إثبات هذه الشخصية، أما الكلام عن دوره في مقتل عثمان رضي الله عنه، ودوره في عهد علي رضي الله عنه، وأثره في فرق الشيعة، ورواة الأخبار فيحتاج إلى كتابة أخرى.
{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}
{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} .