وروى ابن عساكر أيضا أنه لما بلغ علي بن أبي طالب أن ابن السوداء ينتقض أبا بكر وعمر دعا به، ودعا بالسيف وهمّ بقتله، فشفع فيه أناس فقال: "والله لا يساكنني في بلد أنا فيه"، فسيره إلى المدائن1.
وقال ابن عساكر أيضا: روى الصادق - وهو أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ولد سنة 83هـ، في المدينة المنورة وتوفي فيها سنة 148هـ، وهو الإمام السادس المعصوم عند الشيعة - روى عن آبائه الطاهرين عن جابر قال: لما بويع علي رضي الله عنه خطب الناس فقام إليه عبد الله بن سبأ فقال له: "أنت دابة الأرض"2 فقال له: "اتق الله"، فقال له: "أنت الملك"، فقال: "اتق الله"، فقال له: "أنت خلقت الخلق وبسطت الرزق" فأمر بقتله فاجتمعت الرافضة فقالت: "دعه وانفه إلى ساباط المدائن فإنك إن قتلته بالمدينة - يعني الكوفة - خرج أصحابه علينا وشيعته" فنفاه إلى ساباط المدائن فثمّ القرامطة والرافضة - أي كانت بعد ذلك وبجهود ابن سبأ مركزا يجتمعون فيه قال - أي جابر - ثم قامت إليه طائفة وهم السبئية وكانوا أحد عشر رجلا فقال: "ارجعوا فإني علي بن أبي طالب مشهور وأمي مشهورة وأنا ابن عم محمد صلى الله عليه وسلم"، فقالوا: "لا نرجع دع داعيك"، فأحرقهم في النار وقبورهم في صحراء أحد عشر مشهورة، فقال: "من بقي ممن لم يكشف رأسه منهم علينا أنه إله"، واحتجوا بقول ابن عباس لا يعذب بالنار إلا خالقها3.
هذا موقف الإمام علي رضي الله عنه في ابن سبأ وأتباعه، نفاه إلى المدائن وأحرق طائفة من أتباعه، ومن لم يقتنع بهذه الروايات والتي بعضها رواها أحد المعصومين عند القوم وأبى إلا المكابرة والعناد، نذكر له ما ورد في حرق هؤلاء في الروايات الصحيحة عند أهل السنة والجماعة وبعدها روايات القوم.
روى البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد / باب لا يعذب بعذاب الله بسنده إلى عكرمة أن عليا رضي الله عنه حرق قوما فبلغ ابن عباس فقال: "لو كنت أنا لم أحرقهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه".
وروى البخاري في صحيحه في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم بسنده إلى عكرمة نحوه وفيه قال: "أُتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم"4.
ورواه كذلك أبو داود في سننه في كتاب الحدود / باب الحكم فيمن ارتد الحديث الأول بسنده إلى عكرمة بفلظ آخر وفي آخره فبلغ ذلك عليا فقال: "ويح ابن عباس" ورواه كذلك النسائي في سننه5 نحوه، ورواه الترمذي في الجامع في كتاب الله الحدود / باب ما جاء في المرتد وفي آخره، فبلغ ذلك عليا