1قيل: هَذَا غلط لأن عكرمة ثقة ثقة، وهو مولى لابن عباس وقد أخرج عنه البخاري ومسلم ومالك وأحمد وغيرهم من أئمة أصحاب الحديث فإن قيل: فهذه الأخبار منام والشيء قد يرى فِي المنام عَلَى خلاف ما هو به، قيل:
هَذَا غلط لوجوه: أحدها: أن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قصد بذلك بيان كرامته من ربه وقرب منزلته منه، فإذا حمل عَلَى خلاف ما أخبر زال المقصود، ولأن ما يخبر به شرع فهو معصوم فيه وصفات الله، عَزَّ وَجَلَّ، شرع اعتقادها، وإذا كان معصوما استوى فيه المنام واليقظة لأن رؤية الأنبياء تجري مجرى الوحي، من ذَلِكَ رؤيا إبراهيم، عَلَيْهِ السَّلامُ، ذبح ولده، ومن ذَلِكَ رؤيا يُوسُف، عَلَيْهِ السَّلامُ، فِي المنام الكواكب أنها ساجدة له، ولأن أعينهم تنام وقلوبهم لا تنام فإن قيل: يحتمل أن يكون قوله: " رأيت ربي جعدا قططا شابا موفرا " معناه: وأنا جعد قطط أمرد فتكون الصفة راجعة إلى النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما يقال: رأيت الأمير راكبا يحتمل أن يكون الأمير هو الراكب، ويحتمل أن يكون الرائي راكبا قيل: هَذَا غلط لوجوه: أحدها: أنه لم يكن هَذِهِ صفات النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو تغيرت صفته فِي تِلْكَ الحال لأخبر بذلك كما أخبر بوضع اليد بين كتفيه، وكما أخبر بقوله: " فيم يختصم الملأ الأعلى " ولأن ألفاظ الخبر تدفع هَذَا، لأن فِي حديث ابن عباس: " عليه تاج يلمع منه البصر " لو كانت الصفة راجعة إلى النبي، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لقال علي تاج، وفي حديث أم الطفيل: " رجلاه فِي خضر عليه نعلان من ذهب عَلَى وجهه فراش من ذهب " ولو كانت الصفة عائدة عَلَى النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لقال: عَلَى وجهي وعلى فراش وعلى نعلان وعلى أن قائلا لو قَالَ: رأيت الأمير جعدا قططا لم تنصرف هَذِهِ الصفة إلا إلى الأمير دون الرائي كذلك هاهنا