تأنيث الأحسن أي وبالطريقة الحسنى أو بالكلمة الحسنى، والهلهل: السخيف النسج.

لما عبر عن النظم بالنسيج عبر عن عيبه بما يعد عيبًا في النسيج من الثياب وهو كونه سخيفا. أي أحسن القول فيه وتجاوز عنه.

77-

وَسَلِّمْ لِإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِصَابَةٌ ... وَالُاخْرَى اجْتِهادٌ رَامَ صَوْباً فَأَمْحَلا

أي: وسلم لإحدى الحسنيين اللتين لا ينفك عن إحداهما؛ أي عبر عنه بأنه متصف بإدراك إحدى الحسنيين، فهذا من جملة الطريقة الحسنى التي يسامح بها نسيجه أو سلمه من الطعن والاعتراض؛ لأجل أنه لا ينفك من إحداهما أو لحصول إحدى الحسنيين له ثم بينهما يقول إصابة واجتهاد ممحل، وفي رام ضمير عائد على الاجتهاد جعله طالبا للصواب كما جعله، وإنما المتصف بذلك حقيقة من قام به الاجتهاد، وكنى بالصوب وهو نزول المطر عن الإصابة وبالمحل عن الخطأ يقال: أمحل الرجل صادف محلا، والمحل انقطاع المطر ويبس الأرض، فللناظم على تقدير الإصابة أجران وله على التقدير الآخر أجر واحد وذلك مأخوذ من قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "من طلب علما فأدركه كان له كفلان من الأجر وإن لم يدركه كان له كفل من الأجر". أخرجه الدارمي في مسنده من حديث واثلة بن الأسقع، وفي الصحيحين في اجتهاد الحاكم نحو ذلك، وفي "إصابة" وجهان الجر على البدل من "إحدى" والرفع على معنى هي إصابة ثم استأنف بيان الحسنى الأخرى فقال: والأخرى اجتهاد، وكأن ذا كله اعتذار عن الرموز التي اصطلح عليها وعن هذه الطريقة الغريبة التي سلكها رحمه الله سبحانه.

78-

وَإِنْ كانَ خَرْقُ فَأدَّرِكْهُ بِفَضْلَةٍ ... مِنَ الحِلْمِ ولْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلا

كان هنا تامة: أي وإن وجد خرق في نسيجه، وحسن ذكر الخرق هنا ما تقدم من لفظ النسيج، وكنى بالخرق عن الخطأ، وقوله: فأدركه؛ أي فتداركه أي تلافه ملتبسا بفضلة من الرفق والأناة وليصلح الخرق من جاد مقوله وهو لسانه ونصب مقولا على التمييز، وجودة اللسان كناية عن جودة القول به.

وقد امتثل شيخنا أبو الحسن -رحمه الله- أدبه في ذلك، فنبه على مواضع سنذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى، وحذوت حذوه في ذلك في مواضع ستراها؛ وذلك مساعدة له فيما فعله لله وإعانة له على تقريب هذا العلم على الناس ولله الحمد.

79-

وَقُلْ صَادِقًا لَوْلاَ الوِئَامُ وَرُوحُهُ ... لَطاَحَ الأَنَامُ الكُلُّ فِي الخُلْفِ وَالقِلا

صادقا حال أو أراد قولا صادقا نظم في هذا البيت مثلا مشهورا وهو لولا الوئام لهلك الأنام أي لولا موافقة الناس بعضهم بعضا في الصحبة والمعاشرة لكانت الهلكة، وزاد الشاطبي قوله: وروحه أي روح الوئام تنبيها على ما في الوئام من مصلحة الدين والدنيا. وفي الحديث الصحيح: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015