69-
وَأَلْفَافُهَا زَادَتْ بِنَشْرِ فَوَائِدٍ ... فَلَفَّتْ حَيَاءً وَجْهَهَا أَنْ تُفَضَّلا
الألفاف: الأشجار الملتف بعضها ببعض وفي الكتاب العزيز:
{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} 1.
أي ذوات ألفاف وحسن استعارة الألفاف هنا بعد قوله فأجنت؛ لالتفاف المعاني فيها والأبيات كأن كل بيت ملتف بما قبله وبعده لتعلق بعضها ببعض وانضمامه إليه فتلك الألفاف نشرت فوائد زيادة على ما في كتاب التيسير من زيادة وجوه أو إشارة إلى تعليل وزيادة أحكام وغير ذلك مما يذكره في مواضعه، ومن جملة ذلك جميع باب مخارج الحروف، ثم بعد هذا استحيت أن تفضل على كتاب التيسير استحياء الصغير من الكبير والمتأخر من المتقدم وإن كان الصغير فائقا والمتأخر زائدا، والذي لفَّت به وجهها أي سترته هو الرمز؛ لأنها به كأنها في ستر وحياء مفعول له أو مصدر مؤكد مبين لمعنى لفت؛ لأن لف الوجه يشعر بالحياء وأن تفضلا معمول حياء على حذف من أي من أن تفضلا أو هو معمول لفت على تقدير خشية أن تفضل.
70-
وَسَمَّيْتُهاَ [حِرْزَ الْأَمَانِي] تَيَمُّنا ... وَوَجْهَ التَّهانِي فَاهْنِهِ مُتَقبِّلاَ
الحرز: ما يعتمد عليه في حفظ ما يجعل فيه. والأماني جمع أمنية، والتهاني جمع تهنئة وخفف ياء الأماني وأبدل همز التهاني ياء ساكنة؛ لأنه لما استعملهما سجعتين سكنتا فخفف هذه وأبدل هذه؛ لتتفقا.
ومعنى هذه التسمية أنه أودع في هذه القصيدة أماني طالبي هذا العلم وأنها تقابلهم بوجه مهنئ بمقصودهم وهو من قولهم: فلان وجه القوم أي شريفهم؟ ومعنى تيمنا تبركا وهو مفعول من أجله، يريد أن هذه التسمية سبقت النظم؛ ليكون كذلك، وقوله فاهنه: أي تهنأ بهذا الوجه أو بهذا الحرز من قولهم هنأت الرجل بفتح النون أهنئه بكسرها إذا أعطيته حكاه الجوهري. أي أعطه القبول منك والإقبال عليه؛ لتنال الغرض منه وكن له هنيئا كما تقول: هنأني الطعام، والمعنى ترفق به؛ لتنال الغرض بسهولة، ولا تنفر من الشيء قبل وقوفك على حقيقته وأصله، فأهنئه بالهمز، ثم أبدله لكونه ياء ثم حذفها للأمر فصار اهنه كارمه، وفي جواز مثل هذا نظر من حيث النقل والقياس، وقد بسطنا القول فيه في الشرح الكبير ومثله قول زهير2.
وإن لا يبد بالظلم يظلم
وحكى ابن مجاهد في القراءات الشواذ:
قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهِمْ3
مثل أعطهم ومتقبلا حال: أي في حال تقبلك إياه ولشيخنا أبي الحسن علي بن محمد -رحمه الله- من جملة أبيات:
هذى القصيدة بالمراد وفيةٌ ... من أجل ذلك لقبت حرز المنى