الآية، ومن جملة البيان المذكور بيان جواز السعي حالة الركوب على الراحلة، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو سعيه بين الصفا والمروة مبينا لذلك مراد الله في كتابه لا يجوز العدول عنه في كيفيته ولا عدده ولا مكانه ولا مبدئه ولا منتهاه إلا بدليل يجب الرجوع إليه من كتاب أو سنة.

ولا شك أن المسعى الجديد الكائن فوق السقف المرتفع الذي فوق المسعى النبوي المبين بالسعي فيه معنى القرآن غير المسعى النبوي المذكور، ومغايرته له من الضروريات؛ لأنه مما لا نزاع فيه أن المتضايفين اللذين تستلزمهما كل صفة إضافية متباينان تباين المقابلة لا تباين المخالفة، ومعلوم أن المتباينين تباين المقابلة بينهما غاية المنافاة؛ لتنافيهما في حقيقتيهما، واستحالة اجتماعهما في محل آخر.

ومعلوم أن المتباينات هذا التباين التقابلي التي بينها منتهى المنافاة أربعة أنواع: هي: التقابل بين النقيضين، والتقابل بين الضدين، والتقابل بين المتضايفين، والتقابل بين العدم والملكة، كما هو معلوم في محله. فكما أن الشيء الواحد يستحيل أن يتصف بالوجود والعدم في وقت واحد من جهة واحدة، وكما أن النقطة البسيطة من اللون يستحيل أن تكون بيضاء سوداء في وقت واحد، وأن العين الواحدة يستحيل أن تكون عمياء مبصرة في وقت واحد، فكذلك يستحيل أن يكون الشيء الواحد فوق هذا وتحته في وقت واحد. فالمسعى الذي فوق السقف يستحيل أن يكون هو المسعى الذي تحت السقف. فهو غيره قطعا، كما هو الشأن في كل متضايفين وكل متباينين تباين تقابل أو مخالفة.

وإذا حققت بهذا أن المسعى الذي فوق السقف مغاير في ذاته لحقيقة المسعى الذي تحت السقف، وعلمت أن السعي في المسعى الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015