وأما وجوب عموم تعلقه سمعا فمثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقوله: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} وقوله: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} إلى غير ذلك من الآيات القرآنية وأما وجوب ذلك عقلا فلأن المقتضي للعالمية هو الذات إما بواسطة المعنى الذي هو العلم على ما هو مذهب الصفاتية والسلف وهو الحق أو بدونها على ما هو رأي النفاة. والمقتضي للمعلومية إمكانها ونسبة الذات إلى الكل على السواء فلو اختصت عالميته بالبعض دون البعض لكان ذلك بمخصص وهو محال لامتناع احتياج الواجب في صفاته وسائر كمالاته إلى التخصيص لمنافاته لوجوب الوجود والفناء المطلق ولم يذهب إلى تعدد علوم قديمة أحد يعتمد عليه إلا أبو سهل الصعلوكي من الأشاعرة وهو محجوج بالإجماع. والحق أن علمه سابق محيط بالأشياء على ما هي عليه ولا محو فيه ولا تغير ولا زيادة ولا نقصان. وهو سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون وما لو كان كيف كان وأما ما جرى به القلم في اللوح المحفوظ فهل يكون فيه محور وإثبات؟ فيه قولان للعلماء. وأما الصحف التي بيد الملائكة فيحصل فيها المحو والإثبات. وما أطال به الحكماء وإفراغهم الكلام في بيان علم الله سبحانه وتعالى وما جاؤوا به. من الأدلة العقلية على إثبات عقائدهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة وما تفوهوا به من أن الصفات زائدة على ذاته أو هي عين ذاته المقدسة وما نفوه من الصفات فكل ذلك مما لم يخض فيه السلف ولم يأت فيه حرف واحد من الشارع عليه الصلاة والسلام. فالخوض فيه وأمثاله من المسائل بعد عن الدين وقرب من الشياطين وكم قد هلكوا وأهلكوا وضلوا وأضلوا الناس عن الصراط السوي ولا معصوم إلا من عصمه الله ورحمه. والكلام على مسألة العلم يطول وليس هذا موضع بسطه وفيما ذكر ما يكفي ويشفي.