ثم على يساره وتحت قدميه، ثم يمينه، ثم أمامه في محصب فقط، لأتى بالمسألة مستوفاة سالمة من التقييد.
والحاصل أن المصلى يبصق بطرف ثوبه مطلقا، فإن لم يبصق به وأراد أن يبصق في المسجد، فإن كان غير محصب فليس له ذلك، وإن كان محصبا فله ذلك على الترتيب الذي ذكرنا. وأما غير المصلي فإنه يبصق في المحصب أيضا في خلال الحصباء أو تحت حصيره، لكن لا يطلب منه الترتيب الذي في المصلي. انتهى. وفي الحطاب: وأجاز ابن القاسم الوضوء في صحن المسجد من رواية موسى بن معاوية، وكرهه سحنون لما في ذلك من مج الريق في المسجد، وما يتناثر من الماء في المسجد مما يؤثر في نظافة المسجد. وروى محمد بن يحيى في المدونة عن مالك: لا يصلح أن يتمضمض في المسجد وإن غطاه بالحصباء بخلاف النخامة. انتهى. يريد -والله أعلم- أن النخامة تكثر وتتكرر فيشق الخروج لها من المسجد، والمضمضة تندر فلا مضرة ولا مشقة في الخروج لها من المسجد. انتهى. واعلم أن المسجد ينزه عن كل ما يستقذر ولو كان طاهرا.
وخروج متجالة لعيد واستسقاء؛ يعني أنه يجوز بل يندب خروج متجالة؛ وهي التي لا أرب للرجال فيها غالبا لصلاة عيد فطر أو أضحى ولصلاة استسقاء لتشهد دعوة المسلمين، وأولى الفرائض.
وشابه لمسجد؛ يعنى أنه يجوز على خلاف الأولى خروج شابة إلى مسجد لصلاة فرض بجماعة بليل غير مخشية الفتنة، ولا متزينة، ولا متطيبة، ولا مزاحمة للرجال، ولا بالطريق ما يتوقع مفسدته، وإلا منعت كمخشية فتنة ولو بسبب زينة، وكخروجهن لمجلس علم وذكر ووعظ، فيمنعن وإن كن منعزلات عن الرجال: كما أفتى به ابن عرفة. قاله الأبي. وانظر هل ضمير الجمع عائد على النساء مطلقا، أو على الشابات خاصة؟ قاله أحمد. وكره خروجها لجمعة -كما في كفاية الطالب- مع استيفاء الشروط غير الليل؛ لأن لها بدلا بخلاف الفرض في جماعة. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ إبراهيم عند قوله: "وشابة لمسجد"؛ أي لصلاة فرض في الجماعة؛ ويمنع خروجها لمجالس العلم والمذكر والوعظ وإن كانت منعزلة عن الرجال، وشرط العلماء في خروجهن أن يكون بليل، وقال بعضهم: لا يكون خروجهن ليلا، وإنما يكون نهارا،