وكان قد ارتد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث فرق: منهم بنو مذحجٍ ورئيسهم الخمار عبهلة بن كعب العنسي ويلقب بالأسود، وكان كاهناً مشعبذاً فتنبأ باليمن واستولى على بلاده، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل ومن معه من المسلمين وأمرهم أن يحثوا الناس على التمسك بدينهم وعلى النّهوض لحرب الأسود فقتله فيروز الديلمي على فراشه قال رضي الله عنه: ((فأتى الخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم من السّماء في الليلة التي قتل فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: قتل الأسود البارحة قتله رجلٌ مبارك، قيل: ومن هو؟ قال: فيروز، فاز فيروز)) (?). فبشّر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بهلاك الأسود وقبض النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الغد وأتى خبر مقتل العنسي المدينة في آخر شهر ربيع الأول بعد ما خرج أسامة وكان ذلك أول فتح جاء أبا بكر رضي الله عنه (?).
والفرقة الثانية بنو حنيفة ورئيسهم مسيلمة الكذاب، وكان قد تنبّأ في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر سنة عشر وزعم أنّه اشترك مع محمد صلى الله عليه وسلم في النبوة، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مسيلمة رسول الله، إلى محمد رسول الله: أما بعد فإنّ الأرض نصفها لي ونصفها لك وبعث إليه رجلين من أصحابه فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لولا أنّ الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما)). ثم أجاب: ((من محمّدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى مسيلمة الكذاب: أمّا بعد فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين)) (?)
ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفي، فبعث أبو بكر خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذّاب في جيشٍ كثير حتى أهلكه الله على يد وحشي غلام مطعم بن عديّ الذي قتل حمزة بن عبد المطلب بعد حرب شديدة، وكان وحشي يقول: قتلت خير الناس في الجاهلية وشرّ الناس في الإسلام (?).
والفرقة الثالثة بنو أسد ورأسهم طليحة بن خويلد، وكان طليحة آخر من ارتدّ وادعى النبوّة في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأوّل من قوتل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الردّة، فبعث أبو بكر خالد بن الوليد فهزمهم خالد بعد قتال شديد، وأفلت طليحة فمرّ على وجهه هارباً نحو الشام، ثم إنّه أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه.