في ذكر ذي الوزارتين الفقيه الكاتب أبي بكر محمد بن سليمان

المعروف بابن القيصرة

وهو في وقتنا جمهور البراعة، وبقية أئمة الصناعة، وعذبة اللسان العربي، وسويداء قلب هذا الإقليم الغربي، بحر علمٍ لا ينزح، وجبل حلمٍ لا يزحزح، من بعض كور إشبيلية، نشأ في دولة المعتضد، شهر بالعفاف فلزمه، ويسر للعلم فتعلمه وعلمه، وكانت له نفس تأبى إلا مزاحمة الأعلام، والخروج على الأيام، وهو دائباً يغض عنانها فتجمح، ويطأطئ من غلوائها فتتطاول وتطمح، ممتنعاً من خدمة السلطان، قاعداً بنفسه عن مرتبة نظرائه من الأعيان، بين عفة تزهده، وهيبة من المعتضد تقعده، حتى فطن له ذو الوزارتين ابن زيدون، فلم يزل يضرح قذى العطله عن مائه، ويعلي رماد تلك الهيبة عن نار ذكائه، إلى أن نبه عليه المعتضد [48ب] آخر دولته، فتصرف فيها قليلاً على تقية من تلك البقية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015