بل إِن هناك توجهات جديدة لمعرفة العلاقة بين الخطوط الموجودة في كف الإِنسان

والحالات المرضية من جسمية ونفسية وذلك للعلاقة القوية الموجودة بين المخ والجهاز العصبي والحواس من جهة، وبين سطح الجلد من جهة أخرى [31].

ثانيًا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [32].

تتحدث الآية الكريمة عن قدرة الله العظيمة، وعن أحداث يوم القيامة الجسيمة، فالله جل وعلا الذي بعث الإِنسان وهو رميم فأحياه بعد ممات وجمع أعضاءه بعد شتات، قادر على تبديل جلده المحترق بجلد جديد، وليس شيء على الله بعزيز. إِنما إِشارة الإِعجاز في الآية تكمن في تعليل هذا التبديل وأنه {لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [33].

فالآية ظاهرة الدلالة في أن علة التغيير والتبديل للجلود ليذوقوا المزيد من العذاب الأليم. فدل ذلك على أن أكثر أعضاء الجسم غنى بمستقبلات الألم هو الجلد. كما أن الحروق هي أشد المنبهات الألمية.

وهذا ما عرفه العلم الحديث وقرره. ذلكم أن الجلد غني بالألياف العصبية التي تقوم باستقبال ونقل جميع أنواع الحس. لذا فإِنه عندما يحقن الإِنسان بإِبرة فإِنه يشعر بذروة الألم عندما تجتاز الإِبرة الجلد. ومتى تجاوزت الجلد خف الألم [34].

فظهر من الآية الكريمة أن تجديد الجلود ليستمر ويدوم الشعور بالألم دون انقطاع ويذوقوا العذاب الأليم. أعاذنا الله من عذابه.

ثالثًا: يقول الله جل وعلا: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [35].

في داخل مملكة النحل الكثير من عجائب الخلق، وبدائع الصنع ودقائق التنظيم أظهرت ذلك الدراسات المستفيضة والرصد الواعي للنحلة في مملكتها فتعرفت الدراسات على أنواعها ومهمات كل نوع منها وروعة التنظيم فيها واختيار الشكل السداسي لبناء بيوتها دون غيره من أنواع الأشكال الهندسية الكثيرة؛ لأنه الشكل الهندسي الوحيد التي لا تبقى معه أية فراغات أو زوايا مهملة.

ويتوج ذلك ما يخرج من بطون النحل من عسل مصفى منقى يحصل به الشفاء لكثير من أدواء المرضى. فقد قررت الآية الكريمة هذه النتيجة الهامة السّارة: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [36].

قررت الآية ذلك وتركت التفصيلات لجهد الإِنسان المحوط بعناية الله وهدايته.

ليكتشف أساليب العلاج به، وأنواع ما يشفيه من مرض، وأثر ألوان العسل الناتج عن نوع غذائه في ذلك.

وقد اتجهت الكثير من الدراسات للتعرف على مكونات العسل ومزاياه فاكتشفوا شيئًا وبقيت أشياء. فوجدوا أنه منبع للمواد السكرية الطبيعية، وأنه يحتوي على مجموعة من الفيتامينات، والبروتينات والأملاح المعدنية.

ووجدوا أن فيه مواد مضادة لنمو الجراثيم. وأنه مادة شديدة التعقيد يحتوي على مواد مختلفة لم تجتمع في أي مادة أخرى، فأصبح العسل علاجًا لكثير من الأمراض كأمراض الروماتيزم، ومرض التراخوما ولعلاج أمراض القلب والذبحة الصدرية، وللمصابين بقرح المعدة والاثنى عشر. حين يؤخذ قبل وجبات الطعام بنحو ساعة مذابًا في كوب ماء دافئ ومفيد في علاج الزكام وواق لنخر الأسنان، ومعجل بالتئام الجروح وغيرها كثير ليس هذا مجال الإِطالة بذكرها ولا بيان كيفية استعمالها. بل إِن فوائده الطبية لا تقتصر على العسل بل وتشمل السم وحبيبات اللقاح [37].

ويكفي أن القرآن الكريم قرر هذه الحقيقة ثم ربطها بما ينبغي أن تهدي إِليه وتدل عليه من قدرة الخالق جل وعلا وبديع صنعه الذي خلق فسوى، والذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. إِنها آية تدل من فكر وتدبر. وكم في كون الله من آياته.

ففي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد

لكنها لا تدل إِلا من يتفكر. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [38].

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015