اما الابنية فقد افرد لها الدكتور السامرائي كتابا هو (معاني الابنية في العربية) وسبب ذلك كما يقول " إن اللغويين القدامى و يا للأسف لم يولوه ما يستحق من الاهمية فإنهم نظروا بصورة خاصة في شروط الصيغ ومقيسها ومسموعها وقعدّوا لذلك القواعد اما مسألة المعنى فانهم كانوا يمرون بها عرضا وكانت دراساتهم في الاكثر منصبة على كيفية صوغ البناء وهل هو مسموع او مقيس مجردا من المعنى " (12)

فجاء الكتاب مناقشا لأشهر هذه الابنية كالاسم والفعل والمصادر واسمي الزمان والمكان واسمي الفاعل والمفعول ومبالغاتهما وذلك الجموع وانواعها وغير ذلك، اما كيفية ادراك الدكتور السامرائي الى المعنى المفقود فعن " طريق النظر والموازنة بين النصوص في استعمال الصيغ وهذا النظر قائم على الاستعمال القرآني اولا وقائم على دراسة الضوابط العامة والاصول التي وصفها علماء اللغة وعلى المعاني التي يفسرون بها المفردات و الابنية" (13) ومن ذلك استعمال " الإخوة والإخوان فالإخوة جمع قلة والاخوان جمع كثرة واكثر ما تستعمل الاخوة في اخوة النسب كقوله تعالى (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ) يوسف 58 وقوله (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ) النساء11ووردت كلمة (الاخوان) في اثنين وعشرين موطنا في كتاب الله منها ما هو بمعنى الاصدقاء كقوله تعالى (وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ) ق13 وقوله (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا) الحجر47ومنها ماهو بمعنى النسب نحو قوله تعالى (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ) النور 31 و (لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ) الاحزاب 55و (وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ) النور 61 وسبب ذلك ان كل ما ورد من (اخوان) بمعنى الاخ في النسب فالخطاب فيه لعموم المؤمنين وليس لواحد منهم فاقتضى المقام الكثرة فجاء بصيغة (اخوان) الدالة على الكثرة بدل (اخوة) والتي هي للقلة تدل" (14).

ومن ذلك ايضا " ضُعفاء وضِعاف جمع ضعيف وكبراء وكبار جمع كبير وأشداء وشداد جمع شديد فما الفرق بينهما؟ الذي يبدو لي ان (فُعلاء) يكاد يختص بالامور المعنوية و (فِعالا) بالامور المادية فالثقلاء لمن فيهم ثقل الروح والثقال للثقل المادي .. فالكبراء هم السادة والرؤساء والكبار كبار الاجسام والاعمار، والضعفاء هم المستضعفون من الاتباع والعوام وهو من الضعف المعنوي اما الضعاف فللضعف المادي ومنه قوله تعالى (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) الفتح29 فقابل بين الشدة والرحمة وهما امران معنويان وقال تعالى (عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ) التحريم6 والذي يبدو انهم شداد الاجسام ضخامها كما قال تعالى (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) النبأ12" (15).

هذا هو ابداع الدكتور السامرائي مع هذا الكتاب العزيز رحلة عمر شائقة استخرج هذا العالم من القرآن كنوز عزت عن كثير ولفت انظار الناس الى بلاغة القرآن الكريم في زمان انشغل الناس بزخرفة المصحف دون ادراك مدلولات اياته وحسب الدكتور السامرائي هذا الجهد ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015