1/تعليل البنية: وهو استعمال الفعل والاسم " فمن ذلك قوله تعالى (ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ) الانعام 131 وقوله (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) هود11 فقد جاء في الآية الأولى بالصيغة الاسمية (مهلك) والثانية بالصيغة الفعلية (ليهلك) وذلك ان الآية الأولى في سياق مشهد من مشاهد يوم القيامة عما كان في الدنيا في حين الكلام في سورة هود على هذه الحياة الدنيا وشؤونها وذكر سنة الله في الامم" (6) ثم ذهب يقارن بين ايات كل سياق ليثبت ما ذهب اليه مسبقا.

ومن ذلك تعليل التقديم والتأخير والذكر والحذف والتوكيد والتشابه والاختلاف وفواصل الايات وغيرها ويمكن مراجعة ذلك في كتابه الشهير التعبير القرآني (7) بل وسار على هذا الدرب في كتبه الاخرى كمعاني الابنية ولمسات بيانية.

2/ المقارنة بين القصص القرآنية: يعقد الدكتور السامرائي جدول مقارنة بين مواضع القصص القرآنية المتشابهة في محاولة لتقريب المواضع المشتركة في القصة الواحدة والمذكورة في مواضع متفرقة لانه يرى أن القرآن"لا يذكر القصة على صورة واحدة بل يذكر في موطن ما يطوى ذكره في موطن آخر ويفصّل في موطن ما يوجزه في موطن آخر ويقدم في موطن ما يؤخره في موطن آخر بل تراه أحيانا يغير في التعبيرات ونظم الكلام تغييرا لا يخل بالمعنى كل ذلك يفعله حسب ما يقتضيه السياق وما يتطلبه المقام وذلك في حشد فني عظيم" (8) وقد جاء في كتابه التعبير القرآني مقارنة لقصة أبينا آدم عليه السلام في سورتي البقرة والاعراف فيرى الدكتور السامرائي في سورة البقرة أن القصة " مبنية على هذين الركنين: تكريم آدم وتكريم العلم وكل ما فيها من ألفاظ ومواقف انما هي مبنية على هذا التكريم في حين ان القصة نفسها في سورة الاعراف جاءت " في سياق العقوبات واهلاك الامم الظالمة من بني آدم وفي سياق غضب الرب سبحانه ولذلك بنيت كل قصة على ما جاء في سياقها" (9) ثم ذهب الى عقد المقارنة المطولة بين ايات كل سورة للقصة نفسها ومثل ذلك نفس القصة بين سورتي ص والحجر ومن ثم قصة موسى عليه السلام في سورتي البقرة والاعراف ومن ثم سورتي الاعراف والشعراء.

كل هذا في مقارنة مبتكرة ربما استسقى فكرتها من كتب التشابهات كدرة التنزيل او البرهان للكرماني لكن الدكتور السامرائي وسّع الامر فشمل أغلب الايات المتشابهات في القرآن الكريم سواء في القصة او في غير ذلك بتوظيف النحو وأدواته و السياق جوهر هذه المقارنات ولعل فصل السمة التعبيرية للسياق في كتاب التعبير القرآني يبدي الامر هذا بوضوح (10).

الاداة النحوية والصرفية

لعل استخدام النحو وأدواته يعود لتبحّر الدكتور السامرائي في النحو وكيف لا وهو صاحب كتاب (معاني النحو) في أربعة اجزاء شرح فيه معنى النحو لا قواعده مستعينا بآراء البلاغيين الذين سبقوه ولعل نظرية النظم للجرجاني كانت حاضرة بقوة في كتاب الدكتور السامرائي فكانت الدلالات البلاغية للأساليب النحوية وهو امر لم يسبقه احد الى مثل هذا التنظير فأعطى لقارئ الكتاب ثروة كبيرة حول أدوات النحو ووظائفها البلاغية. ومن ذلك المقارنة بين قوله تعالى (وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) الجمعة7 وقوله تعالى (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) البقرة 95 " فالكلام في الاية الثانية على الاخرة (قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ) والدار الاخرة استقبال فنفى بـ (لن) اذ هو حرف خاص بالاستقبال واما الكلام في الاية الاولى فهو عام لا يختص بزمن دون زمن (إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ) فهذا امر مطلق فنفى بـ (لا) وهو حرف يفيد الاطلاق والعموم التي حرف اطلاق وهو الالف وفي الآية الثانية للاستقبال وهو زمن مقيد نفاه بـ (لن) التي اخرها حرف مقيد وهو النون الساكنة وهو تناظر فني جميل" (11) وغيرها من المواضع والتعاملات مع الاداة النحوية ..

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015