وإذا كان المرجع صالحاً للمفرد والجمع جازَ عَود الضمير عليه بأحدهما مثل:) وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً) (الطلاق: الآية11).

والأصل اتحاد مرجع الضمائر إذا تعددت مثل:) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (النجم:5) (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى) (النجم:6) (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) (لنجم:7) (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) (النجم:8) (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (النجم:9 فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (لنجم:10) فضمائر الرفع في هذه الآيات تعود إلى شديد القوى وهو جبريل.

والأصل عود الضمير على أقرب مذكور إلا في المتضايفين فيعود على المضاف؛ لأنه المتحدث عنه مثال الأول: (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيل) (الاسراء: الآية2).

ومثال الثاني: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (ابراهيم: الآية34)

وقد يأتي على خلاف الأصل فيما سبق بدليل يدل عليه.

الإظهار في موضع الإضمار

الأصل أن يؤتى في مكان الضمير بالضمير لأنه أبين للمعنى وأخصر للفظ، ولهذا ناب الضمير في قوله تعالى: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب: الآية35) عن عشرين كلمة المذكورة قبله، وربما يؤتى مكان الضمير بالاسم الظاهر وهو ما يسمى (الإظهار في موضع الإضمار) وله فوائد كثيرة، تظهر بحسب السياق منها:

1 - الحكم على مرجعه بما يقتضيه الاسم الظاهر.

2 - بيان علة الحكم.

3 - عموم الحكم لكل متصف بما يقتضيه الاسم الظاهر.

مثال ذلك قوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة:98)، ولم يقل فإن الله عدو له، فأفاد هذا الإظهارُ:

1 - الحكم بالكفر على من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال.

2 - أن الله عدو لهم لكفرهم.

3 - أن كل كافر فالله عدو له.

مثال آخر: قوله تعالى:) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (لأعراف:170)، ولم يقل إنا لا نضيع أجرهم؛ فأفاد ثلاثة أمور:

1 - الحكم بالإِصلاح للذين يمسكون الكتاب، ويقيمون الصلاة.

2 - أن الله آجرهم لإصلاحهم.

3 - أن كل مصلح فله أجر غير مضاع عند الله تعالى.

وقد يتعين الإِظهار، كما لو تقدم الضمير مرجعان، يصلح عوده إلى كل منهما والمراد أحدهما مثل: اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانة ولاة أمورهم، إذ لو قيل: وبطانتهم، لأوهمَ أن يكون المراد بطانة المسلمين.

ضمير الفصل

ضمير الفصل: حرف بصيغة ضمير الرفع المنفصل يقع بين المبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين

ويكون بضمير المتكلم كقوله تعالى: {) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا) (طه: الآية14) وقوله: {) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) (الصافات:165)

وبضمير المخاطب كقوله تعالى: {) كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) (المائدة: الآية117)}.

وبضمير الغائب كقوله تعالى: {) وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)

وله ثلاث فوائد:

الأولى: التوكيد، فإنَّ قولك: زيد هو أخوك أوكَد من قولك: زيد أخوك.

الثانية: الحصر، وهو اختصاص ما قبله بما بعده، فإن قولك: المجتهد هو الناجح يفيد. اختصاص المجتهد بالنجاح.

الثالثة: الفصل؛ أي التمييز بين كون ما بعده خبراً، أو تابعاً، فإن قولك: زيد الفاضل يحتمل أن تكون الفاضل صفة لزيد، والخبر منتظر، ويحتمل أن تكون الفاضل خبراً، فإذا قلت: زيد هو الفاضل؛ تعين أن تكون الفاضل خبراً، لوجود ضمير الفصل.

* * *

الالتفات

الالتفات: تحويل أسلوب الكلام من وجه إلى آخر، وله صور منها:

1 - الالتفات من الغيبة إلى الخطاب كقوله تعالى: {) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)

(لرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة:4) (ِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5) [الفاتحة] فحوَّل الكلام من الغيبة إلى الخطاب في قوله: إياك.

2 - الالتفات من الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بهم) (يونس: الآية22) فحوَّل الكلام من الخطاب إلى الغيبة في قوله: {وَجَرَيْنَ بهم}

3 - الالتفات من الغيبة إلى التكلم، كقوله تعالى: (أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) (المائدة: الآية12)} فحوَّل الكلام من الغيبة إلى التكلم في قوله {وبعثنا}

4 - الالتفات من التكلم إلى الغيبة، كقوله تعالى: {) إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) (الكوثر:1)) فَصَلِّ لِرَبِّكَ) (الكوثر:2) فحوَّل الكلام من التكلم إلى الغيبة في قوله (لربك)

وللالتفات فوائد منها:

1 - حمل المخاطب على الانتباه، لتغير وجه الأسلوب عليه

2 - حمله على التفكير في المعنى، لأن تغير وجه الأسلوب، يؤدي إلى التفكير في السبب.

3 - دفع السآمة والملل عنه، لأن بقاء الأسلوب على وجه واحد، يؤدي إلى الملل غالباً.

وهذه الفوائد عامة للالتفات في جميع صوره.

أما الفوائد الخاصة فتتعين في كل صوره، حسب ما يقتضيه المقام

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

تم ولله الحمد رب العالمين

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015