مثاله: ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها، جاء الولد أحول؛ فنزلت: {) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (البقرة:223) (41).

الثالث: ما لم يقره الإسلام، ولم ينكره، فيجب التوقف فيه، لما رواه البخاري (42) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: (آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) (العنكبوت: الآية46) ولكن التحدث بهذا النوع جائز، إذا لم يخش محذور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بلِّغوا عنِّي ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري (43).

وغالب ما يروى عنهم من ذلك ليس بذي فائدة في الدِّين كتعيين لون كلب أصحاب الكهف ونحوه.

وأما سؤال أهل الكتاب عن شيء من أمور الدين، فإنه حرام لما رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء؛ فإنهم لن يهدوكم، وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل، أو تكذبوا بحق، وإنه لو كان موسى حيًّا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني" (44).

وروى البخاري (45) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله مَحضاً، لم يُشَبْ، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتاب الله، وغيروا، فكتبوا بأيديهم، قالوا: هو من عند الله؛ ليشتروا بذلك ثمناً قليلاً، أو لا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ فلا والله ما رأينا رجلاً منهم يسألكم عن الذي أنزل إليكم.

موقف العلماء من الإسرائيليات

اختلفت مواقف العلماء، ولا سيما المفسرون من هذه الإسرائيليات على ثلاثة أنحاء:

أ -فمنهم من أكثر منها مقرونة بأسانيدها، ورأى أنه بذكر أسانيدها خرج من عهدتها، مثل ابن جرير الطبري.

ب -ومنهم من أكثر منها، وجردها من الأسانيد غالباً، فكان حاطب ليل مثل البغوي الذي قال شيخ الإسلام ابن تيمية (46) عن تفسيره: إنه مختصر من الثعلبي، لكنه صانه عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة، وقال عن الثعلبي: إنه حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع.

جـ -ومنهم من ذكر كثيراً منها، وتعقب البعض مما ذكره بالتضعيف أو الإنكار مثل ابن كثير.

د -ومنهم من بالغ في ردها، ولم يذكر منها شيئاً يجعله تفسيراً للقرآن كمحمد رشيد رضا.

* * *

الضمير

الضمير لغة: من الضمور وهو الهزال لقلة حروفه أو من الإضمار وهو الإخفاء لكثرة استتاره

وفي الاصطلاح: ما كني به عن الظاهر اختصاراً وقيل: ما دل على حضور، أو غيبة لا من مادتهما

فالدال على الحضور نوعان:

أحدهما: ما وضع للمتكلم مثل: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّه) (غافر: الآية44)

الثاني: ما وضع للمخاطب مثل: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة: الآية7)

وهذان لا يحتاجان إلى مرجع اكتفاء بدلالة الحضور عنه

والدال على الغائب، ما وضع للغائب ولا بد له من مرجع يعود عليه.

والأصل في المرجع أن يكون سابقاً على الضمير لفظاً ورتبة مطابقاً له لفظاً ومعنًى مثل: {ونادى نوح ربه} [هود: 45].

وقد يكون مفهوماً من مادة الفعل السابق مثل: (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة: الآية8).

وقد يسبق لفظاً لا رتبة مثل:) وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّه) (البقرة: الآية124)

وقد يسبق رتبة لا لفظاً مثل: (حمل كتابه الطالب).

وقد يكون مفهوماً من السياق مثل: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد) (النساء: الآية11)}، فالضمير يعود على الميت المفهوم من قوله: {مما ترك}

وقد لا يطابق الضمير معنى مثل:) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (المؤمنون:12)) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً) (المؤمنون:13) فالضمير يعود على الإنسان باعتبار اللفظ؛ لأن المجعول نطفة ليس الإنسان الأول.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015