نعودُ لمُدارسةِ الآيةِ على حسبِ ما يدَّعيه أصحابُ التفسيرِ العِلميِّ، فنقولُ بناءً على تفسيرِهم: يقولُ اللهُ في هذه الآيةِ إنَّه إذا أرادَ إضلالَ من كََتَبَ عليه الضَّلالَ يجعلُ صدرَه ضيِّقاً حَرَجاً، وحتى يُقَرِّرَ معنى الضِّيقِ والحَرَجِ عند المُخاطَبِ، ويُقَرِّبَه إلى الأذهانِ، ويمكِّنَه في نفسِه، يُشبِّهُ ضيقَ الصَّدرِ وحرجَه في الكافرِ – على رأيهم - بضيقِ الصَّدرِ الذي يكونُ من رجلٍ يَصَّعَّدُ في السَّماءِ!

فإن سألناهم: ما وجهُ الشَّبَهِ؟

قالوأ: وجهُ الشَّبهِ أنَّ الأكسجينَ يقلُّ في طبقاتِ الجوِّ العليا، فيؤدّي هذا إلى ضيقِ الصَّدرِ وحَرَجِه!!! فإن قلنا لهم: فهل فهمَ العربُ هذا المعنى آنذاك؟

قالوا: لا ... لأنَّه لم يكن معهوداً لهم ولا معروفاً عندهم ...

فلنا أن نقولَ عندها: فكيف إذن يخبرُهم القرآنُ بحالِ الكافرِ، وما يكونُ منه من ضيقِ صدرِه وحَرَجِه بالإسلامِ، ثم إذا أرادَ أن يُقَرِّرَ هذا المعنى في نفوسِهم، ويُقَرِّبَه إلى أذهانِهم، جاءَهم بتشبيهٍ لا عهدَ لهم به؟؟!!! ومنذ متى كانَ التشبيهُ في القرآنِ للإلغازِ والإبهامِ، أولتعميةِ المعنى على السامعِ، لا لتقريبِ المعنى وتقريرِه في نفسِه؟؟!!

أليس في تفسيرِ الآيةِ على ما يدّعونه من إشارةٍ إلى الحقيقةِ العلميَّةِ خروجٌ على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ، ...

أخي الكريم

القرآن الكريم كتاب هداية، ومع ذلك فقد احتوى على الكثير من أوجه الإعجاز التي لم تخطر على قلب بشر، لكن الله يظهرها للناس، وفقا لوعده الكريم ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) (فصلت:53)، ليتحقق لهم أن هذا الكتاب الكريم هو معجز للخلائق وفي جميع جوانب الحياة كل حسب تخصصه لابد أن يجد في آيات القرآن الكريم ما يقيم عنده الحجة بأن هذا كتاب الله لا محالة.

وأنا واثق بأنني لو تحدثت لك عن أمور من الإعجاز في آيات القرآن الكريم التي لم يتحدث عنها أحد ممن سبق من العلماء لأخذتك الدهشة.

ولقد ألزمت نفسك بأمور لا طائل تحتها، فكيف عرف العرب صورة هذه الشجرة التي تخرج من أصل الجحيم، بإشارة القرآن الكريم لها؟؟؟ فأصبحت كالمشاهدة؟ فأقول لك أحسبني عربي ولا أستطيع أن أرسم في ذهني أية صورة لهذه الشجرة. ألست مخاطبا بهذه الآية الكريمة. أستعيذ بوجهه الكريم مما هو أعلم به مني.

وليس المراد من هذا التشبيه لشجرة الزقوم هو أن يقف الناس على صورة لها بل الغاية أن لا يقف السامع على هذه الصورة فيكون خوفه وهلعه أكبر، فهو خوف مبني على خوف وظلمات على ظلمات، ليستقر في فؤاد القارئ هلع من تلك الشجرة. على نحو أن أدخل رجل في غرفة شديدة الظلام وأقول له ستلطم فيها، فيكون خوفه من جهتين أولا من عدم إدراكه لشيء في هذه الغرفة، وثانيا من عدم إحاطته بجهة اللطمة، ولله سبحانه وتعالى وكلامه المثل الأعلى.

وهذا معهود في كلام العرب، فهل العرب تعرف الغول؟؟؟؟ هل الغول حقيقة؟؟؟ ما هي أوصاف أسنانه؟؟؟ هل شاهدها أحد؟؟؟؟

ثم تتحدث عن المجاز العقلي بأسلوب فهمته أنت من دراستك وضيقت واسعا؟؟؟ ثم تأتي بهذا التضييق لتطبقه على تفسير الآية الكريمة؟؟؟

من قال أن وجه الشبه (الذي قصدته أنت حسب فهمك بأنه لابد أن يكون مدركا) يجب أن يكون معلوما وأظهر في المشبه منه؟؟؟

أرجو التكرم بقراءة هذه النصوص ثم التعليق عليها:

ثمار القلوب في المضاف والمنسوب الثعالبي - (1/ 23)

... حدث الصولي، بإسناد له عن أبي عبيدة، قال: لما قدمت من البصرة، وصلت إلى الفضل بن الربيع، فسلمت عليه بالوزارة، فضحك إلي واستدناني، حتى جلست بين يدي فرشه، ثم لاطفني واستنشدني، فأنشدته عيون أشعارٍ أحفظها جاهليةً؛ فقال: قد عرفت أكثر هذه، وأريد من ملح الشعر، فأنشدته منها، فطرب لها وضحك، وزاد نشاطه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015