1 - تحقيق التواصل كهدف مركزي.

2 - تحقيق التأثير، كرديف للهدف الأول.

والجانب التواصلي يحققه المستوى الصوتي، والمستوى التركيبي والمستوى الدلالي.

فهذه المستويات الثلاث تعمل على وصف وتمثيل اللغة، و ينتهي بنا كل ذلك إلى التقعيد. هذه القواعد إذا كانت موضع اتفاق بين متكلم ومستمع ما تحقق التواصل بينهما بشكل إيجابي.

وأما التأثير والإقناع فإنه يقع ضمن دائرة البلاغة، أو ما يمكن تسميته بالدراسة الجمالية أو الأسلوبية للنص، وهي تعنى بدراسة مطابقة القول للمقام، أي أنها تنظر إلى المتكلم كمنتج ومبدع للنص، وللمستمع كمتلق عاقل لهذه الإرسالية، ومن ثم فإن اقتناعه بالمقولة التي يحملها النص الذي يبدعه المتكلم يوجب أن يكون النص متجاوبا مع نفسيته وواقعه الاجتماعي من غير أن نسقط الظرف الذي تلفظ فيه بذلك النص.

طالما تساءلت:هل القرآن الكريم تنتظمه وحدة نسقية مما يجعل منه نصا متكاملا؟. أوله سورة الفاتحة وآخره سورة الناس بحيث لا يمكن فهم جزئيا ته إلا في إطاره الكلي. فكيف كان تعامل اللغويين مع الخطاب القرآني؟. هل كانت نظرتهم تجزيئية؟ أم أنها في السطح فقط تبدو تجزيئية، أما في العمق فهي نظرة كلية تكاملية تعكس حقيقة الخطاب القرآني وأن الذي جعل الظاهر يطغى على الباطن هو أن تعاملهم مع الخطاب القرآني كان في البداية تعاملا عمليا ولم يرق إلى مستوى التنظير إلا في مراحل متأخرة مثلت بدايات محتشمة لعلم أصول التفسير، و لم ترق إلى المستوى الذي يجعل منها نظرية متكاملة في التفسير يمكننا أن نصطلح عليها بالمذهبية الإسلامية في التفسير؟.

ثم تساءلت عما إذا كانت دراستهم اللغوية للخطاب القرآني انطلاقا من (نحو الجملة) أو نحو (النص)؟. وما هي يا ترى الآليات التي وظفوها في وصف الخطاب القرآني وتمثيله في إطار نظرية نحوية أو لغوية متكاملة؟. وهل للغويين وعي بالوحدة النسقية التي تنتظم الخطاب القرآني؟ وما هي البواعث الحقيقية لدراسة الخطاب القرآني دراسة لغوية في هذه الفترة المبكرة من تاريخ الإسلام؟.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[20 Jun 2009, 12:52 ص]ـ

و قد يتساءل المرء عن السبب الذي جعلنا نحصر الدراسة في القرن الثالث الهجري وبالذات في الكتب التالية:

أ - معاني القرآن: للفراء (ت 207 هـ).

ب - مجاز القرآن: لأبي عبيدة (ت 210 هـ).

ج- تأويل مشكل القرآن: لابن قتيبة (ت 276 هـ).

والواقع أن هذا الاختيار يرجع لأسباب موضوعية ومنهجية:

أولها أن أغلب ما ألف في القرن الثاني الهجري هو في عداد المفقودات وكل ما نعلم عنه هو بعض الملاحظات المدونة بكتب التراجم أو معاجم المؤلفات.

وثانيها أن القرن الثالث يمثل بداية النضج والتكامل المنهجي: إذ إن هذه الكتب التي اخترناها تغطي من الناحية المنهجية الخطاب القرآني، فهي وإن كانت تشترك في اهتمامها بلغة الخطاب القرآني إلا أن لكل منها شخصيته المتميزة، فنجد "معاني القرآن " للفراء (ت 207 هـ) يركز على الجانب النحوي من زاوية نظر الكوفيين، و " مجاز القرآن " لأبي عبيدة (ت 210 هـ) الذي يركز على المعجم القرآني. و"تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ت 276 هـ) الذي يركز على الجانب البلاغي الجمالي، حيث اهتم بدراسة جمالية الخطاب القرآني.

وفضلا عما سبق فإن هذه الكتب تعتبر بحق النشأة الحقيقية للدراسة اللغوية للخطاب القرآني إذ إن الكتب التي ألفت بعد ذلك في هذا المجال هي عالة عليها، مع توسع في الاستنباط والاستدلال واجتهادات شخصية في فروع المسائل وتطوير لبعض القضايا.

وقد أدرجت في بعض الأحيان كتاب معاني القرآن للأخفش (ت 215 هـ) لأهميته، ولزيادة البيان، باعتباره يمثل المدرسة البصرية في إعراب القرآن الكريم وإبراز معانيه.

ونحب أن نبين هنا أننا لا نقصد باللغوي ذلكم العالم المهتم بجمع مفردات اللغة وتحديد دلالاتها، أي ما يمكن أن نسميه اليوم بالراوية أو بالمعجمي، وما يمكن تسمية عمله بجمع المتن اللغوي، أو بالدراسة المعجمية. وإنما نقصد باللغوي كل عالم بذل جهدا في دراسة اللغة أو ما يمكن أن نسميه بالنحوي، أو العالم بفقه اللغة، أو ما يصطلح على تسميته اليوم باللساني المهتم بدراسة البناء اللغوي للخطاب من حيث مستويات التحليل اللغوي:

1 - المستوى الصوتي.

2 - المستوى الصرفي.

3 - المستوى التركيبي.

4 - المستوى الدلالي.

5 - المستوى التداولي.

6 - المستوى الجمالي.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[20 Jun 2009, 07:24 م]ـ

أما الصعوبات التي واجهت الباحث فمتعددة يمكننا إجمالها في ما يلي:

1 - غياب نظرية متكاملة في التفسير، ذلك أن حقل التفسير على خلاف أغلب الحقول المعرفية الإسلامية لم يرق إلى مستوى التنظير، فالفقه مثلا بدأ تطبيقيا ليرتقي إلى التنظير فينتج أصول الفقه، الذي هو بمثابة منهج الفقيه في استنباط الأحكام من النصوص المعتبرة.

2 - قلة المصادر و المراجع التي عنيت بدراسة منهج المفسرين اللغويين في القرن الثالث الهجري، و ما يوجد منها فإنه اقتصر على جوانب غير التي نروم دراستها.

3 - غلبة النهج التقليدي في تناول قضايا التفسير عامة و التفسير اللغوي خاصة، حيث إن أغلب الدراسات الموجودة في المجال لم تتبن اللسانيات ومناهج تحليل الخطاب، بغية الكشف عن بنية الخطاب اللغوي.

4 - دقة المباحث التي عرض لها المفسرون اللغويون في القرن الثالث الهجري، مع اعتماد لغة علمية دقيقة تعتمد الإيجاز في التعبير، والدقة في التوصيف باعتبارها تخاطب العالم، واعتماد مصطلحات خاصة. مما جعلني مضطرا إلى الرجوع لعشرات التفاسير كوسيط يسعفني في فهم المراد، و يفتح أمامي آفاق البحث، للوصول إلى تصور يسهم في بلورة نظرية متكاملة في التفسير.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015