و أسرار القرآن ليست بالضرورة ما كان علمه أسلافنا منه ..

و لعلك تحتج علي بقول شيخ الاسلام

وقد حكى شيخ الإسلام الإجماع على بطلان قول من قال: ليس في القرآن ما لا يُعلم معناه.

.

فالواضح من كلامه .. أنه ليس هنالك ما لا يُعلم لا ما لم يُعلم .. و الفرق واضح هنا و لعله الرد الأنسب على كلامك

لا يعني شيئاً أبداً.

.

لأنك قد حذفت المعنى أصلا .. و هو أبعد من القول أننا نجهل المعنى فافهم ترشد ..

ثم إني أزيدك على كلام شيخ الإسلام كلام السيد المصطفى محمد صلى الله عليه و سلم، حين قال في الحديث المشهور ..

ستكون فتنة. قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله, فيه نبأ ما قبلكم, و خبر ما بعدكم, و حكم ما بينكم, هو بالفصل ليس بالهزل, من تركه من جبار قصمه الله, و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله, وهو حبل الله المتين, وهو الذكر الحكيم, وهو الصراط المستقيم, وهو الذي لا تزيغ به الأهواء, و لا تلتبس به الألسن, و لا يخلق على كثرة الرد, و لا تنقضي عجائبه, من قال به صدق, ومن عمل به أجر, ومن حكم به عدل, ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.

فالواضح أن فيه خبر من قبلنا و قد نعلمه بالتاريخ .. و خبر ما بيننا و قد نعلمه بالمعايشة و خبر ما بعدنا .. فافهم أخي الحبيب.

فليس الأمر تجهيل لأئمة المسلمين و عدولهم .. و لا تطفيل لمن رام التدبر في كتاب الله من خلال العدد ..

ثم لعلي أرشدك إلى ما يطمئن له قلبك ..

سئل علي كرم الله وجهه: هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه، وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير، وألا يقتل مؤمن بكافر.

فافهم قوله و ما في الصحيفة .. و لعل ذلك الذي يفرق بين الحواسيب التي هي من صنع الانسان و اختراعه و العقل الذي هو من صنع الله الذي أتقن كل شيء خلقه.

أم أنك تريدنا أن نكون من هؤلاء الذين قيل فيهم:

يظهر هذا الدين حتى يجاوز البحار، وحتى تخاض بالخيل في سبيل الله، ثم يأتي أقوام يقرأون القرآن، فإذا قرأوا قالوا: قد قرأنا القرآن، فمن أقرأ منا؟ من أعلم منا؟! ثم التفت إلى أصحابه، فقال: هل ترون في أولئك من خير؟ قالوا: لا. قال: فأولئك منكم، وأولئك من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار.

فهاهو الدين قد ظهر و جاوز البحار ..

ثم أنك أخذت عنا في الشدات التي طارت .. و أين طارت أخي الحبيب .. نحن في الرياضيات و في نظرية الكلمات theorie des mots نتكلم عن ألفبائية .. التي هي مجموعة الحروف التي تكتب الكلمة بها .. فمثلا ألفبائية الكلمات التي تفقهها أجهزة الحواسيب هي الألفبائية الثنائية المتكونة من حرفين و هما 0 و 1.

الفبائية الأعداد العشرية هي مجموعة الأرقام من 0 إلى 9، و ليس بعدها إلا كلمات تكتب بهذه الحروف العشرة ..

و كذلك الكلمة في العربية تكتب بواسطة ألفبائية ذات 28 حرفا .. و لعلك تحتج علي أني لم أحسب الشدة و الهمزة لأن هذا الكلام ليس كلامي بل كلام من سبقوني في هذه القواعد .. و لك أن تعود غلى كتب الأولين الذين ذكروا من لطائف القرآن أن حروف الفواتح نصف الحروف فاسألهم لماذا لم يحسبوا الشدة .. ثم لماذا لم يحاججهم أحد على ذلك؟

و قد نبهتك أن الكتابة ثلاثة أنواع، العروضية و الإملائية و القرآنية التي هي كتابة الوحي، و لا ينبغي أن نحمل كتابة القرآن على كتابة الوحي؟

فإن قلت

التزام الرسم العثماني لا يكون على إطلاقه، فالتزام الرسم العثماني لا يكون في اللفظ وإنما في الخط والكتابة فحسب.

أي أن من التزم الرسم العثماني في القراءة، لا تصح قراءته، وهذا لا ينازع فيه أحد.

أما هؤلاء الذين يكتبون في ما يسمونه بالإعجاز العددي ما بالهم تركوا عد الحروف اعتمادا على اللفظ - وهو المعتمد عند أهل الأداء مثلاً، إذ هم يُعرِّفُون الحرف بأنه الصوت المعتمد على مخرج محقق أو مقدر - ما بالهم تركوه، وأخذوا يعدون بناء على الخط، أو الرسم العثماني، مع أن الرسم العثماني لا يصح الأخذ به في كل مجال كالقراءة مثلاً؟!

.

فسأقول لك إن الحرف عند أهل الخط ليس هو الحرف عند أهل القراءة فلماذا تخلط الأمرين .. ثم إني أسألك متى ظهر الحديث عن الشدة كحرف .. أقبل القرآن ام بعده؟

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015