الخطابة المعاصرة في ضوء قوله تعالى {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}

ـ[أبو المهند]ــــــــ[03 Jun 2009, 09:39 م]ـ

العنوان بتماه

الخطابة المعاصرة في ضوء قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} أنموذج د. السديس"

بسم الله الرحمن الرحيم

شرفني الله بسماع خطبة أستاذنا المفضال المربي الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس مباشرة من داخل المسجد الحرام بمكة المكرمة وذلك يوم الجمعة 5/ 6/1429هـ 29/ 5/2009م وقد أفدت منها وكانت بعنوان:" وسائل الاتصالات ما لها وما عليها" ولكن لاحظت بعض الملحوظات فأردت أن أنتفع بها وأصدرها إلى كل من يعمل بالدعوة إلى الله خاصة أن كاتبه " عفا الله عنه " يعمل بالخطابة قبل التفسير وعلوم القرآن كتخصص دقيق وإلى يومنا هذا، بل تفضل الله عليه فدرّس لطلاب قسم الدعوة والثقافة الإسلامية وفي دورات تدريب الدعاة بوزارة الأوقاف.

ومن خلال القرآن والسنة نغترف ما نريد إقراره فيما يخص مناسبة المقال للمقام أوالمقال لمقتضى الحال.

أو بعبارة ثانية مناسبة ما يقوله الخطيب لمخاطَبه فيثمر.

والموضوع يتناول لونا خطابيا نضعه في الميزان بغض النظر عن الأشخاص وذلك من خلال قوله تعالى:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} {إبراهيم4}

أقول وبالله تعالى التوفيق

دار معنى "البيان" الوارد في الآية الشريفة عند العلماء حول:

الإفهام، السهولة، السرعة، الكمال في رؤية المقصود، الابتعاد عن الغلط والخطأ، إيراد العبارة المتمكنة الشافية الكافية، كل هذا لتنقطع المعاذير فلا نقول لم نفهم عن الرسول المبيِّن ..... وهذه باقة من أقوال سادتنا العلماء التي انضوت تحت ظلال الآية الكريمة:

قال الإمام الطبري: يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا إلى أمة من الأمم يا محمد من قبلك ومن قبلِ قومك رسولا إلا بلسان الأمة التي أرسلناه إليها ولغتهم (ليبين لهم) يقول: ليفهمهم ما أرسله الله به إليهم من أمره ونَهيه، ليُثْبت حجة الله عليهم، ثم التوفيقُ والخذلانُ بيد الله، فيخذُل عن قبول ما أتاه به رسُوله من عنده من شاء منهم، ويوفّق لقبوله من شاء.

وعند الحافظ ابن كثير: {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} بلغتهم ليفهموا عنه.

قال المحقق الآلوسي: قيد البيان بالسهولة والسرعة لغاية هي الامتثال من غير حاجة إلى الترجمة حيث قال: {لِيُبَيّنَ لَهُمْ} ما كلفوا به فيتلقوه منه بسهولة وسرعة فيمتثلوا ذلك من غير حاجة إلى الترجمة ...

قال أبو حيان في البحر:.بين تعالى العلة في كون من أرسل من الرسل بلغة قومه وهي التبيين لهم، .... فليس على الرسول غير التبليغ والتبيين.

قال الفخر: ليبن لهم فيكون فهمهم لأسرار تلك الشريعة ووقوفهم على حقائقها أسهل، وعن الغلط والخطأ أبعد. فهذا هو وجه النظم.

فيكون إدراكهم لذلك البيان أسهل ووقوفهم على المقصود والغرض أكمل

قال صاحب نظم الدرر: {ليبين} أي بياناً شافياً ... فإن لسانك أسهل الألسنة وأعذبها

فيكون فهمهم لأسرار شريعته ووقوفهم على حقائقها أسهل، ويكونون عن الغلط والخطأ أبعد.

قال القاضى البيضاوي: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ} ما أمروا به فيفقهوه عنه بيسر وسرعة

قال الزمخشري في كشافه: {إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} أي ليفقهوا عنه ما يدعوهم إليه، فلا يكون لهم حجة على الله ولا يقولوا: لم نفهم ما خوطبنا به، كما قال: {وَلَوْ جعلناه قُرْءاناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصّلَتْ ءاياته} [فصلت: 44]

وقال المولى أبو السعود: {لِيُبَيّنَ لَهُمُ} ما أمروا به فيتلقَّوه منه بيُسر وسُرعة ويعملوا بموجبه من غير حاجة إلى الترجمة ممن لم يُؤمر به

وقال ابن عاشور: المقصود من سياق الآية: الرد على طعن المشركين في القرآن بأنه نزل بلغة لم ينزل بها كتاب قبله اقتُصر في رد خطئهم على أنه إنما كان كذلك " ليبيّن لهم " لأن ذلك هو الذي يهمهم.

قال عبد الحق بن عطية: {لنبين لهم} في أن نبعثهم بألسنة أممهم ليقع البيان والعبارة المتمكنة، .. وجعل الله العلة في إرسال الرسل بألسنة قومهم طلب البيان.

عند ابن كثير: "قوله: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة. ومن ها هنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه: ما أنت بمحدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال: حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!

هذا محمول على بعض العلوم، كعلم الكلام أو ما لا يستوي في فهمه جميع العوام، فحكم العالم أن يحدث بما يفهم عنه، وينزل كل إنسان منزلته، والله تعالى أعلم.

وانظر التمهيد لشرح كتاب التوحيد

يتبع بحول الله

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015