ومن أنباء المستقبل الكثير والكثير فمن ذلك ما جاء في القرآن أن الله تعالى تكفل بحفظ نبيه ? وأنه لن يموت مقتولاً وقد أنزل الله تعالى في ذلك قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة/67] أي يعصمك من القتل، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ فَقَالَ لَهُمْ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِى اللَّهُ». ()

فكيف يضمن النبي ? لنفسه ألا تأخذه يد الغيلة، إن هذا لا يملكه بشر لنفسه أبداً فكم رأينا الاغتيالات التي تأخذ العظماء والرؤساء وهم في مواكبهم من الأعوان والحراس , وحقاً لقد عصمه الله من القتل في مواطن كثيرة كان الموت أقرب إليه من شراك نعله ولكن الله تعالى وحده الذي عصمه، وقل مثل ذلك في قول الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) [النور/55] وهذا الوعد الذي قال الله فيه (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ) أي من الصحابة ومن على نهجهم , وقد نزلت والصحابة في خوف شديد وقد تحقق هذا فبدل الله الصحابة بعد خوفهم أمناً واستخلفوا في الأرض وسادوها وعبدوا الله تعالى في أمن وأمان، ومن هذه النبوءات ما جاء أن أهل مكة استعصوا على النبي ? فدعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأنزل الله تعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) [الدخان/10 - 16]، ويتحقق هذا فيصيبهم القحط والجوع حتى كان الواحد منهم ينظر في السماء فيرى فيها كهيئة الدخان ثم بعد ذلك يدعون ربنا اكشف عنا العذاب إنا عائدون، ثم يقول الله: (إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) فيكشف عنهم من ذلك عندما جاءوا يطلبون من النبي ? أن يستسقي لهم فسقاهم ولكنهم سرعان ما عاودوا إلى ما كان عليه , ثم ينتقم الله منهم يوم البطشة الكبرى يوم بدر , والمعجزات كثيرة جداً لا يستوعبها كتاب وأكتفي بهذا القدر

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

د/ أبو الحسن عطية مسعد قاسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015