من فوائد الآية مشروعية تبشير الإنسان بما يسر، لقوله تعالى: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وقوله تعالى: (وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين)، وقوله تعالى: (فبشرناه بغلام حليم)، فالبشارة بما يسر الإنسان من سنن المرسلين عليهم الصلاة والسلام.

وهل من ذلك أن تبشره بمواسم العبادة، كما لو أدرك رمضان، فقلت: هنّاك الله بهذا الشهر؟ الجواب: نعم، وكذلك لو أتم الصوم، فقلت: هنأك الله بهذا العيد، وتقبل منك عبادتك وما أشبه ذلك فإنه لا بأس به، وقد كان من عادة السلف. ص93.

28 ـ قال تعالى: (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم).

الموت يطلق على ما لا روح فيه وإن لم تسبقه حياة، يعني: لا يشترط للوصف بالموت تقدم الحياة لقوله تعالى: (كنتم أمواتاً فأحياكم)، أما ظن بعض الناس أنه لا يقال: (ميت) إلا لمن سبقت حياته فهذا ليس بصحيح، بل إن الله تعالى أطلق وصف الموت على الجمادات، قال تعالى في الأصنام: (أموات غير أحياء). ص106.

29 ـ قال الله جل وعلا عن الملائكة: (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك).

وصف الإنسان نفسه بما فيه من الخير لا بأس به إذا كان المقصود مجرد الخبر دون الفخر، لقولهم: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك). ويؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، وأما إذا كان المقصود الفخر، وتزكية النفس بهذا فلا يجوز لقوله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى). ص117 ـ 118.

30 ـ قال تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء).

هل هذه الأسماء أسماء لمسميات حاضرة أو لكل الأسماء؟

للعلماء في ذلك قولان، و الأظهر أنها أسماء لمسميات حاضرة بدليل قوله تعالى: (ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء) وهذه الأسماء ـ والله أعلم ـ ما يحتاج إليها آدم، وبنوه في ذلك الوقت. ص119.

31 ـ قال تعالى: (فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين).

زعم بعض العلماء أن المراد: كان من الكافرين في علم الله بناءً على أن (كان) فعل ماضٍ والمضي يدل على شيء سابق، لكن هناك تخريجاً أحسن من هذا: أن نقول: إن (كان) تأتي أحياناً مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقق اتصاف الموصوف بهذه الصفة ومن ذلك قوله تعالى: (وكان الله غفوراً رحيماً)، وقوله تعالى: (وكان الله سميعاً بصيراً) وما أشبهها هذه ليس المعنى أنه كان فيما مضى بل لا يزال فتكون (كان) هنا مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقيق اتصاف الموصوف بما دلت عليه الجملة، وهذا هو الأقرب، وليس فيه تأويل ويُجرى الكلام على ظاهره. ص125 ـ 126.

32 ـ قال تعالى: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة).

هل المراد بـ (الجنة) جنة الخلد، أم هي جنة سوى جنة الخلد؟

ظاهر الكتاب، والسنة أنها جنة الخلد، وليست سواها لأن (أل) هنا للعهد الذهني.

فإن قيل: كيف يكون القول الراجح أنها جنة الخلد مع أن من دخلها لا يخرج منها وهذه أُخرج منها آدم؟

فالجواب: أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها بعد البعث، وفي هذا يقول ابن القيم في الميمية المشهورة:

فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم

قال: (منازلك الأولى) لأن أبانا آدم نزلها. ص128.

33 ـ قال تعالى مخاطباً آدم وحواء: (ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين).

قد يُنهى عن قربان الشيء والمراد النهي عن فعله للمبالغة في التحذير منه، فإن قوله تعالى: (ولا تقربا هذه الشجرة) المراد: لا تأكلا منها، لكن لما كان القرب منها قد يؤدي إلى الأكل نُهي عن قربها. ص131.

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[11 May 2009, 05:49 ص]ـ

34 ـ قال تعالى: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون).

اختلف العلماء متى كان هذا على قولين:

القول الأول: أن موسى صلى الله عليه وسلم اختار من قومه سبعين رجلاً لميقات الله، وذهب بهم، ولما صار يكلم الله، ويكلمه الله قالوا:

(لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) فعلى هذا القول يكون صعقهم حينما كان موسى خارجاً لميقات الله.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015