القول الثاني: أنه لما رجع موسى من ميقات الله، وأنزل الله عليه التوراة، وجاء بها قالوا: ليست من الله (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة).

والسياق يؤيد الثاني لأنه تعالى قال: (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان) ثم ذكر قصة العجل، وهذه كانت بعد مجيء موسى بالتوراة ثم بعد ذلك ذكر: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة).

وأما قوله تعالى: (فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين). فقد أيد بعضهم القول الأول بهذه الآية ولكن الحقيقة ليس فيه تأييد لهم لأنه تعالى قال: (فلما أخذتهم الرجفة) رُجِفَ بهم والأخرى أخذتهم الصاعقة صعقوا وماتوا.

فالظاهر لي أن القول الأول لا يترجح بهذه الآية لاختلاف العقوبتين، هذه الآية كانت العقوبة بالصاعقة وتلك كانت بالرجفة والله أعلم. ص191 ـ 192.

35 ـ قال تعالى في شأن بني إسرائيل: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا).

إن قال قائل: أليس حِل الغنائم من خصائص هذه الأمة، أي أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟

فالجواب: بلى، والإذن لبني إسرائيل أن يأكلوا من القرية التي دخلوها ليس على سبيل التمليك بل هو على سبيل الإباحة، وأما حل الغنائم لهذه الأمة فهو على سبيل التمليك. ص203.

36 ـ قال تعالى: (وإذا قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم).

(مصراً) ليست البلد المعروف الآن، ولكن المقصود أي مصر كانت ولهذا نُكرت، ومصر البلد لا تنكر، ولا تنصرف واقرأ قوله تعالى: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتاً) فالمعنى: اهبطوا أي مصر من الأمصار تجدون ما سألتم. ص212.

37 ـ قال تعالى: (إن الذين ءامنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من ءامن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

الأقرب في الصابئين إنهم من لا دين لهم: من كانوا على الفطرة ولا يتدينون بدين. ص222.

38 ـ قال الله جل وعلا عن قوم موسى: (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة).

ففي تلك الساعة هرعوا إلى السجود وسجدوا، ولكنهم مالوا في سجودهم ينظرون إلى الجبل خائفين منه، ولهذا يقال: إن سجود اليهود إلى الآن سجود مائل كأنما ينظرون إلى شيء فوقهم وقالوا: إن هذا السجود سجدناه لله سبحانه وتعالى لإزالة الشدة فلا نزال نسجد به، فهذا سجودهم إلى اليوم. ص226.

39 ـ قال تعالى: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين).

في هذه الآية بيان حكمة الله في مناسبة العقوبة للذنب، لأن عقوبة هؤلاء المتحيلين أنهم مسخوا قردة خاسئين، والذنب الذي فعلوه أنهم فعلوا شيئاً صورته صورة المباح ولكن حقيقته غير مباح، فصورة القرد شبيهة بالآدمي، ولكنه ليس بآدمي، وهذا لأن الجزاء من جنس العمل، ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى: (فكلاً أخذنا بذنبه). ص231.

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[20 May 2009, 02:12 م]ـ

40 ـ قال تعالى: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون).

من فوائد الآية: ذم من لا يعتني بمعرفة معاني كتاب الله عز وجل، فمن لا يفهم المعنى فإنه لا يتكلم إلا بالظن لقوله تعالى: (وإن هم إلا يظنون). ص256.

41 ـ كفر بني إسرائيل بالنبي صلى الله عليه وسلم ما هو إلا بغي وحسد لقوله تعالى: (بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده)، فمن رد الحق من هذه الأمة لأن فلاناً الذي يرى أنه أقل منه هو الذي جاء به فقد شابه اليهود. ص294.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015