سنة أو واجب , فمن حين ما يعرف أن هذا يقرب من الحبيب يمتثل , عندما تستضيف شخص تحبه في بيتك تحاول أن تفعل أشياء كثيرة ليست واجبة من الضيافة ولا مقررة ولكنك تخشى أن تخرم هذه المحبة أو يحدث فيها خدش أو تقصر في لوازمها , هذا هو الحب , لذلك نقول للمؤمنين: (يا أيها المؤمنون أتقو الله ولا يكون الذي يسوقكم للامتثال هو خوف النار فقط , فبعض الناس عبد سوء إلا تقول له إنك ستعذب في النار وإلا لا يطيع , هذا سوء في العبودية أن يقتصر الإنسان على هذا , ونقول لا الخوف والرجاء و فوقهما الحب ينبغي أن تكون هذه الثلاثة متعاضدة تدفعك للأمام.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: بعض العلماء ذكر بيتين تصديقا لهذا المعنى فقال:

تعصي الإله وأنت تزعم حبه**** هذا لعمري في القياس بديع

لو كان حبك صادقا لأطعته ****أن المحب لمن يحب مطيع

الدكتور مساعد الطيار: عندنا ملحظ في قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)} تتعجب كيف أن الحق ينزل بوضوح ثم يقع بعد نزوله الشقاق لو تأملت أهل الكتاب لم يقع بينهم الشقاق إلا بعد ما أنزل عليهم الكتاب فاختلفوا فيه.

الدكتور محمد الخضيري: ولما جاء تصديقه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- من بعد ما جاءهم العلم؛بغيا بينهم أنكروا ما أنزل عليهم , فهذا موجب لعقوبة الله - عز وجل - لذلك قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)} أعتبر كل هذه مقدمة للدخول لآية البر وسماها آية بر لأن البر مأخوذ من السعة والتوسع في الخير , لذلك يقال البر - للصحراء - لأنه واسع وخلاء.

الدكتور مساعد الطيار: لأن مادة الباء والراء المشددة تدل على السعة.

الدكتور محمد الخضيري: فالمتوسع في الخير يقال له بر , والبر هي أعمال الخير الواسعة التي لا حدود لها , لذلك لا أحد يكاد يزعم أنه استوعب أعمال البر , فأعمال البر أوسع منه.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: ولذلك سمى الله نفسه البر قال تعالى: { .. إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)} الطور.

الدكتور مساعد الطيار: في آية البر لو أعطينا بعض الملحوظات.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذه الآية كأنها رد على بعض السفهاء الذين اعترضوا على تحويل القبلة فالله - سبحانه وتعالى - يقول ليس البر أن تتوجهوا إلى مكان محدد -بيت المقدس - وإنما البر في إخلاص العبودية لله - سبحانه وتعالى - والانقياد له , فإن أمركم بالتوجه لبيت المقدس فتوجهوا , و إن أمركم بالتوجه للبيت الحرام فتوجهوا, فهذا هو البر الحقيقي و هو توحيد الله والانقياد له , فليست المسألة مسألة اتجاهات وأن هذا الاتجاه أفضل من هذا الاتجاه وكما قال: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)} قال: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ .. } ثم عدد الشرائع و الأوامر والنواهي التي أمر الله بها سواء كانت عقدية كما في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} أو عملية كما في قوله: {وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)} فسميت آية البر لجمعها لأعمال البر الكثيرة ولجمعها أحكام عقدية شملت أصول الدين وأحكام عملية

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015