الصحابة الكرام قد احتاجوا إلى تلك اللفتة القلبية بعد أربع سنوات من إسلامهم، فكم تحتاج قلوبنا إلى تعهُّد وتزكية؟!

وقسوة القلب قد تكون أحيانًا نتيجة المعاصي، ومظهرًا من مظاهر غضب الله على العبد، ولذلك يقول مالك بن دينا: (ما ضُرِب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضِب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم) (?).

وإن العيش في أعطاف النعمة ليجعل على القلب غشاوة، تشغل المرء بذاته، وتحد من همته، ولذلك رأى محمد بن كعب في الآية السابقة توجيهًا آخر فقال: (كانت الصحابة بمكة مجدبين، فلما هاجروا أصابوا الريف والنعمة ففتَروا عما كانوا فيه فقسَتْ قلوبهم، فوعظهم الله فأفاقوا) (?)، ألا فلنتواصَ حتى نُفِيقَ.

إن الانشغال بلغو الكلام وتتبع الهفوات يُجفِّف منابع اللين في القلب، وتنعكس الآثار على صورة حدة في التعامل.

جاء في موطأ الإمام مالك قوله: (بلغني أن عيسى عليه السلام قال لقومه: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله تعالى؛ فتقسوا قلوبكم؛ فإن القلب القاسي بعيد من الله، ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا فيها كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية) (?).

إن شخصية الداعية لتقتضي القدرة على التعامل مع الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015