«حُرِّم على النار كل هيِّن ليِّن سهل ...».

إن التوازن في شخصية المسلم ليجمعُ الشدة والرحمة، وإن من الحكمة مراعاة كل ظرف بما يناسبه، والتعامل مع كل حالة بما تقتضيه؛ من الأخذ بقوة أو الرفق واللين، غير أنه يبقى أن الأصل في التعامل الاجتماعي اللين والرقة، ما لم يَقُمْ ما يقتضي خلاف ذلك.

أما حين تنضُبُ ينابيع العاطفة، فلابد من تطهير القلب من عوامل القسوة؛ لتنعكس صور اللين على المعاملة والسلوك.

إن طول الزمن قد يُخفِّف من رقة الشعور، وتطاول الأيام قد ينسي بعض القيم، وتقادم العهد قد يغير المشاعر القلبية، ما لم يتعهَّد المرء نفسه، ويجلو قلبه، ليبقى حاضرَ الفكر، واعيَ القلب، يقظَ الإحساس، ولأن الليِّن ظاهرة سلوكية تنبع عن قلب لين، فقد عاتب ربنا عز وجل الصحابة الكرام حين رأى منهم تغيرًا في القلوب: {أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]، وحدَّث ابن مسعود فقال: (ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ... إلا أربع سنين) (?)، وزاد في رواية (فجعل ينظر إلى بعض ويقول: ما أحدثنا؟!) (?)، فإذا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015