هذا شأن المسلمات في الدين الصحيح: أمور لا يملك العقل أن يستدل عليها من تلقاء نفسه، ولا يملك في الوقت ذاته دليلاً حقيقياً ينفيها، ثم إنه لا يدعى إلى التسليم بها قبل أن يسلم بالمقدمات التي توصل إليها عن طريق التفكر والتدبر والتأمل في ملكوت السماوات والأرض.

أما المسلمات التي فرضتها الكنيسة فرضاً وأرهبت الناس من مناقشتها فهي غير ذلك تماماً.

فحيث يتجه العقل والتدبر والتأمل إلى الإيمان بأن الله واحد أحد، وأنه لو كان في السماوات والأرض آلهة إلا الله لفسدتا.. تقول له الكنيسة إن الله ثلاثة، ثم تزيد الأمر تعقيداً فتقول له إن الثلاثة واحد والواحد ثلاثة، ثم تمنعه من المناقشة عن طريق الإرهاب..

وحيث يتجه العقل – بوسائل تفكيره- إلى الإيمان بأن الله الذي خلق كل شيء وقدره تقديراً هو غني عن كل شريك لأنه ((بيده ملكوت كل شيء)) ولأنه يقول للشيء ((كن فيكون)) ومن ثم فهو الجدير بالعبادة وحده.. تقول له الكنيسة إن هناك شريكاً لله هو المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، هو إله مع الله، ومعبود كذلك مع الله، ثم تمنعه من المناقشة وتتهمه بالمروق إن خالف..

وحيث يتجه العقل –بمنطقه الذاتي- إلى الإيمان بأن الله ليس في حاجة إلى اتخاذ الولد- والخلق كلهم خلقه خلقهم بمشيئته وهم عباد له- وليس من شأنه سبحانه أن يتخذ مالا حاجة له إلى اتخاذه، وهو المهيمن الذي يدبر أمر الوجود كله بمفرده، بلا كلفة عليه سبحانه ولا جهد ولا حاجة إلى معين.. تقول له الكنيسة إن لله ولداً خلقه بمشيئته كما يخلق كل شيء بمشيئته ثم تبناه- سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً- ليضعه بعد ذلك على الصليب، ويجرعه آلام الصلب، ليكفر بذلك عن خطيئة لم يرتكبها ذلك الابن إنما ارتكبها آدم وحواء قبل ذلك بزمن لا يحصيه إلا الله! ثم تفرض عليه ذلك فرضاً وتقول له هذه هي العقيدة.. ومن لم يعتقدها فقد حلت عليه لعنة السماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015