فلم تره إلا مقيماً على الثنا ... ولم تلقه إلا الموشح بالحمد

فمن أدب زاه تسامى محامداً ... ومن نسب باه تزين بالمجد

إمام بني الآداب بالنفس تشتري ... على ربح فضل ما يعيد وما يبدي

لقد أنفذ الآذان دراً تلألأت ... فرائده نظماً يجل عن النقد

كريم حليم طاهر حسن الوفا ... شريف منيف قدره صادق الود

أبحت الورى مدحي فإذا الورى ... جميعهم مثلي ولست أنا وحدي

ألا أيها الندب الذي شاع فضله ... وليس له عند البلاغة من ند

أتاني بلا وعد كتابك زائراً ... ولله محبوب يزور بلا وعد

هو التحفة الزهراء من خير ما جد ... له الفضل من قبل علي ومن بعد

به من بنات النظم هيفاء غادة ... تجاوز معناها البليغ عن الحد

فكم من زهير تحت أزهار لفظها ... وكم طرفة تزهو على طرفة العبد

فمن كل معنى ألف بيت لناظر ... ومن كل بيت ألف معنى لمستجد

فما قيس مع لبنى يقبل ثغرها ... وعبد بن عجلان يدير لمى هند

بأوفر منى لذة حين أقبلت ... تبلغ من مولى ثناء على عبد

كفاني حديث الغانيات نسيبها ... وأغنت عن الصهبا فصيرتها وردي

ولما شفى قلبي الكئيب وصالها ... غفرت لدهري ما جناه من الصد

وصيرتها في غربتي خير مؤنس ... وأنزلتها في منزل الأهل والولد

وسميتها سلوى الغريب لأنها ... ألذ من السلوى وأحلى من القند

فمنى لها أهدي إليك وليدة ... جويرية فاقبل بفضلك ما أهدي

وخذها بعفو عن قصور فإنها ... بنية نظم من مقل على جهد

سرت من بلاد الروم وهي رقيقة ... ومن عجب أن لا تمل من الوخد

فلو كنت حسان البلاغة لم تقم ... بجمع معانيك الحسان يدا جهدي

وحسبك منها إنها من موحد ... بحبك عن توحيده غير مرتد

تسير بها أشواقها ودليلها ... نوافح فضل منك لا نفح الرند

لها كل يوم في مديحك رغبة ... ولكنها عن مدح غيرك في زهد

كريمة نفس وهي بنت كرامة ... تهادي كريم الدر أكرم مستهدي

بأوصافك الحسنى تتيهُ وتنجلي ... بحسن إلى روض البلاغة ممتد

فلا زلت مأوى كل عزٍ ومدحةٍ ... تزف لك الأشعار وفداً على وفد

وتخدمك الأيام فيما تريده ... سليم المنى من حادث الزمن النكد

قرين التهاني والمسرات ظافراً ... بنيل الأماني لا بسن حلل السعدي

وقال مادحاً عبد الله البحري كاتب خزانة والي الشام:

يهيجني تذكار خل كما البدر ... فليت التنائي لم نجده ولم ندر

أحن إذا ما ناح قمري روضة ... حنينا ًبأشجان يزدن على الصبر

رعى الله أيام مضينا فلم يكن ... لنا بعدها إلا التلذذ بالذكر

أويقات إنس قد سلفن بلذة ... وعصر هني كان يحسب من عمري

أبيت ولي قلب يهيم بذكرهم ... غراماً وأشواقاً توقدن بالجمر

خليلي عوجاً بالمنازل والحمى ... وقولاً لمن أهواه صبرك بالأثر

وخد سبتنا باللحاظ فلم تدع ... لناظر جفنيها فؤاد بلا سحر

مهفهفة بيضاء نور جبينها ... إذا أظلم الديجور يغني عن البدر

كأن الثريا عقد درٌ بجيدها ... توارت حياء من ضيا المبسم الدري

إذا افتر منها الثغر أو لاح وجهها ... أرتك سهيلا قد تصور بالثغر

وفي فمها المطار كأس مدامة ... سلاف رضاب لا سلاف من الخمر

إذا هز بأن القد منها دلاها ... تميس بأعطاف ثملن بلا سكر

علق بها حباً فلما تملكت ... فؤادي وأحشائي تصدت إلى هجر

تثنت فبان البان خيفة قدها ... وماست فأزرت بالردينية السمر

رأتني فقالت من أرى قلت مغرماً ... قتيل الهوى بين القلادة والخصر

أرتنا من الأجفان سحراً كأنه ... أساطير عبد الله ذي القلم البحري

هو الجوهر المكنون دلت صفاته ... عليه كما دل السحاب على البر

به افتر ثغر للبلاغة مشرق ... كما افتر ثغر الروض عن مزنة القطر

إذا سن أقلاماً وقط رؤوسها ... يقول الردين خجلة قط لا أجري

وإن ضمن القرطاس خطاً تخاله ... جبين مليح قد تلألأ بالشعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015